تستمر أبحاث مرض الزهايمر في تحقيق تقدم ملحوظ، حيث يتضافر جهد العلماء للوصول إلى طرق تشخيص وعلاج فعالة لهذا المرض العصبي الذي يطلق عليه لقب "الصامت".
وفي خضم هذا، تتوجه الأبحاث الحالية نحو فهم مسببات الزهايمر، حيث يتزامن هذا البحث مع احتفالنا اليوم، السبت 21 سبتمبر، باليوم العالمي للمرض. وتبحث الأبحاث كذلك في كيفية اكتشاف العلامات المبكرة التي قد تشير إلى بداية الإصابة بالمرض، بالإضافة إلى تطوير علاجات جديدة يمكن أن تؤخر أو حتى تمنع تطور المرض.
أظهرت دراسات جديدة أجريت في مركز ماساتشوستس لأبحاث مرض الزهايمر (MADRC) أن وجود صعوبة بسيطة في استخدام قائمة الهاتف يمكن أن يكون علامة مبكرة على احتمالية الإصابة بمرض الزهايمر.
هذا الاكتشاف يفتح آفاقًا جديدة لتشخيص المرض في مراحله المبكرة، قبل ظهور الأعراض الأكثر وضوحًا.
تعمل الدكتورة جوميز إيسلا، أستاذة علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة هارفارد والمديرة المساعدة في مركز ماساتشوستس لأبحاث مرض الزهايمر (MADRC)، على تطوير طرق أفضل للتشخيص والعلاج.
وفي حديثها عن أبحاثها الأخيرة، تقول الدكتورة: "نأمل أن نستخدم هذه المعرفة للتنبؤ بمن سيصاب بالمرض وتطوير علاجات يمكن أن تؤخر أو تمنع ظهوره".
وكشفت جوميز أن دراسات طويلة الأمد أظهرت ارتباطًا بين طفرة جينية معينة وظهور لويحات الأميلويد في الدماغ قبل 15 عامًا من ظهور الأعراض.
الدراسة، التي أجريت على عائلة كولومبية كبيرة لديها تاريخ من الإصابة المبكرة بمرض الزهايمر بسبب طفرة جينية، أوضحت أن لويحات "الأميلويد" كانت موجودة قبل 15 عامًا من بدء ظهور الأعراض.
توفر هذه الدراسات الرائدة رؤى أعمق حول المرض، وتقدم أدلة رئيسية محتملة لتطوير علاجات مستقبلية قد تحمي الأشخاص من الإصابة بالزهايمر.
في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر، يتراكم بروتين يسمى أميلويد في شكل لويحات. ويُعتقد أن هذه اللويحات سامة وتسبب ضررًا لخلايا الدماغ.
يواصل الباحثون تطوير عقاقير تهدف إلى إزالة الأميلويد من الدماغ عبر استخدام علاجات مناعية تستهدف هذه اللويحات، في محاولة لمساعدة المرضى على تكسيرها.
فيما يلي ثلاثة أدوية تعمل بهذه الطريقة، وقد أظهرت نتائج واعدة كعلاجات لمرض الزهايمر، وفقًا لمنظمة الزهايمر alzheimers.org حول أحدث الأبحاث والأدوية.
يعتبر دونانيماب من أحدث الأدوية المناعية التي تستهدف بروتين الأميلويد المتراكم في أدمغة مرضى الزهايمر، والذي يعد عاملًا أساسيًا في تطور المرض.
يعمل دونانيماب على ربط بروتين الأميلويد وتكسيره، مما يقلل من الأضرار التي تلحق بخلايا الدماغ.
أظهرت التجارب السريرية لدونانيماب نتائج واعدة، حيث تمكن من إبطاء تدهور الذاكرة والتفكير بنسبة تصل إلى 60% في بعض الحالات، كما أظهر تحسنًا ملحوظًا في الأداء اليومي للمرضى.
دواء ريمتيرنيتوغ هو أحدث جيل من الأدوية التي تستهدف علاج مرض الزهايمر.
يعمل هذا الدواء عبر آلية مناعية تستهدف بروتينات الأميلويد الضارة التي تتراكم في الدماغ، مما يؤدي إلى تلف الأعصاب.
ما يميز ريمتيرنيتوغ عن الأدوية السابقة هو طريقة إعطائه عن طريق الحقن تحت الجلد، مما يسهل على المرضى استخدامه.
يخضع ريمتيرنيتوغ حاليًا لتجارب سريرية واسعة النطاق لدراسة فعاليته وسلامته في علاج مرض الزهايمر في مراحله المبكرة. وأظهرت النتائج الأولية أن ريمتيرنيتوغ قد يكون أكثر فعالية من الأدوية السابقة في إزالة بروتينات الأميلويد من الدماغ.
بلاركامسين هو دواء واعد لعلاج مرض الزهايمر، ويعمل بطريقة مختلفة عن الأدوية التقليدية، حيث لا يستهدف البروتينات الضارة مباشرة.
بدلًا من ذلك، يعمل بلاركامسين على منع هذه البروتينات من التجمع وتكوين لوحات ضارة في الدماغ، وهي عملية تساهم بشكل كبير في تطور مرض الزهايمر.
يساعد بلاركامسين في الحفاظ على البروتينات في شكلها الطبيعي، مما يمنع تجمعها.
كما يسهم الدواء في حماية الميتوكوندريا، التي تُعتبر "محطات الطاقة" للخلية، مما يحسن وظائف الخلايا العصبية.
أظهرت التجارب السريرية لبلاركامسين نتائج واعدة، حيث تبين أنه قادر على إبطاء تدهور الذاكرة، وكانت الآثار الجانبية عمومًا خفيفة ومقبولة.
يستهدف بلاركامسين الأشخاص الذين يعانون من مراحل مبكرة من مرض الزهايمر، بما في ذلك أولئك الذين يعانون من ضعف إدراكي خفيف.
لا يزال بلاركامسين قيد التطوير، ولا يمكن الحصول عليه تجاريًا في المملكة المتحدة حتى الآن. ومع ذلك، تشير النتائج الأولية إلى أنه قد يكون خيارًا علاجيًا فعالًا في المستقبل.
"لأننا لا نعرف ما الذي يسبب مرض الزهايمر، فنحن لسنا متأكدين من كيفية منعه"، كما تقول الدكتورة جوميز إيسلا.
تشير الأبحاث بحسب الطبيبة إلى أن اتباع نمط حياة صحي قد يساعد في تقليل خطر الإصابة بمرض الزهايمر.
وتشمل هذه التغييرات:
فعل ماضي الحلقة 9
رغم التقدم الذي تم تحقيقه في أبحاث الزهايمر، فإن هناك العديد من التحديات التي تواجه الباحثين، منها:
تقول الدكتورة جوميز: "بفضل الأدوية المتاحة حديثًا والفهم المحسن لأصول مرض الزهايمر، يمكننا تحسين حياة المرضى ومقدمي الرعاية لهم في كل مكان".