يعتبر منير الشعراني واحدًا من أبرز فناني الجرافيك في العالم العربي، حيث يتميز بتخصصه في فن الخط العربي. في حديثه مع موقع ""، يشاركنا تجربته الغنية في تصميم الخطوط العربية وإبداعاته الجرافيكية، كما يسلط الضوء على رؤيته الفنية حول تطور فن الخط العربي وآفاقه المستقبلية في عصر التكنولوجيا الرقمية.
تجربتي مع الأستاذ بدوي كانت مفعمة بالعبر والدروس. لم أتعلم فقط الأساسيات التقليدية للخط العربي، بل استوعبت أيضًا أن هذه القواعد ليست قيودًا، بل هي مدخلات يجب على الخطاط المبدع فهمها بعمق. هذا الفهم يمكنه من تطوير أسلوبه الخاص والابتكار، شرط عدم تجاوز الأسس الجمالية والهيكلية التي تميز هذا الفن.
كما أدركت من خلاله أن الإتقان والدقة هما مفتاحا النجاح في هذا المجال. تعلمت أن الصبر وطول النفس ضروريان لتحقيق التفوق، إذ يتطلب الأمر تكرارًا مستمرًا في التدريبات والتصحيح. الخط ليس مجرد فن ديني، بل هو وسيلة للتعبير عن شتى جوانب الحياة.
الصبر والتأني هما المفتاحان لكل نجاح. في البداية، يتطلب تعلم الخط من الطالب أن ينقل عن أستاذه دون ملل، في عملية تتكرر حتى يصبح الخط جيدًا. قد يشعر البعض بالملل، لكن الشغف يدفع الجادين لاستيعاب أهمية كل حرف، وكل نقطة.
بالنسبة لي، كانت هذه المبادئ راسخة في جميع أعمالي، ليس فقط في الخط، بل في التصميم الجرافيكي أيضًا، حيث أحرص دائمًا على أن تكون الدقة حاضرة في كل التفاصيل.
يتميز الخط العربي بخصائص جمالية فريدة، وهو شكل من أشكال الفنون التشكيلية. يعود جذوره إلى التجريد، مما يجعله مختلفًا عن الكتابات الأخرى التي تركز على التجميل فقط. لقد استطاع الخطاطون عبر العصور استخدام هذه الخصائص لتطوير الخط العربي وتجديده بصريًا، مما أضفى عليه طابعًا فنيًا مميزًا.
بدأ شغفي بالخط العربي في سن مبكرة، حيث كنت أستمتع بالرسم والقراءة. مع غياب دروس الخط في المدرسة، قررت تعلمه على يد الأستاذ بدوي. لم أكتفِ بكسب المهارات الأساسية، بل سعيت أيضًا لتطويرها من خلال الدراسة في مراكز فنية مرموقة.
أصبحت أرى في التصميم الجرافيكي مجالًا يدمج بين حبي للخط العربي والفنون الأخرى، حيث بدأت أستكشف أساليب جديدة. كان تطور الخط العربي في مخيلتي هدفًا أساسيًا، وقررت العمل على تحديثه وتطويره.
اخترت الاقتباس من التراث العربي لأنني أرى فيه قيمًا إنسانية وفكرية تلامس واقعنا الحالي. الكلمات التي استخدمتها ليست فقط جميلة، بل تحمل معانٍ عميقة تعبر عن قضايا معاصرة. أجد أن الموروث العربي يملك ثراءً فنيًا يفوق الحديث، مما دفعني لاستخدامه في أعمالي.
أعتبر أن الخط العربي فنٌ قائم بذاته، لا يحتاج إلى الاعتماد على فنون أخرى. أركز على تطوير الحروف والكلمات بأشكال فنية جديدة دون تداخل مع أساليب الحروفيين، الذين غالبًا ما يقدمون أعمالًا تقليدية دون تجديد حقيقي.
التيساع في الخاطر الحلقة 23
أرى أن التحولات الرقمية ليست عائقًا، بل فرصة لتطوير الخط العربي. ستظل الإبداعات الفنية مرتبطة بجهود الفنانين، بعيدًا عن التطبيقات الرقمية، حيث إن العمل الفني يعتمد على الأفكار والرؤى الجديدة.