أثارت دراسة حديثة قامت بها جامعة أوساكا في اليابان جدلاً واسعًا في الأوساط العلمية حول القدرات المعرفية للأسماك. حيث كشفت هذه الدراسة، التي نُشرت نتائجها في صحيفة "الغارديان البريطانية"، أن سمكة "المنظف" الاستوائية الصغيرة قادرة على اجتياز اختبار التعرف على الذات في المرآة، وهو اختبار يُعتبر مؤشرًا قويًا على وجود الوعي الذاتي لدى الحيوانات.
هذا الاكتشاف المذهل، الذي وصفه كولوم براون، الأستاذ في جامعة ماكواري بأستراليا، بأنه "الأروع إطلاقًا"، يتحدّى المفاهيم السائدة حول ذكاء الأسماك وقدراتها المعرفية. فقد كانت الأسماك تُعتبر كائنات بدائية، تفتقر إلى التعقيد، لكن بدأت تظهر أدلة متزايدة تُظهر أن لديها قدرات عقلية تفوق توقعاتنا بكثير.
لم تقتصر الاكتشافات على دراسة جامعة أوساكا فقط، بل أظهرت دراسات أخرى أجريت على أنواع مختلفة من الأسماك نتائج مماثلة. فعلى سبيل المثال، كشفت دراسة أجرتها لين سنيدون في جامعة غوتنبرغ عن استجابات جسدية وسلوكية لدى سمك السلمون المرقط، تتوافق مع الشعور بالألم.
في السنوات الأخيرة، أظهرت سلسلة من الدراسات قدرات معرفية مذهلة لدى الأسماك تتجاوز بكثير ما كنا نتوقع. فقد أظهرت التجارب أن بعض أنواع الأسماك قادرة على الشعور بالألم والاستجابة للمؤثرات المؤلمة بطرق مشابهة لتلك التي نراها في الثدييات.
وعلى الرغم من هذه الاكتشافات المثيرة، إلا أن هناك جدلاً علميًا حول مدى تعقيد العواطف والمشاعر لدى الأسماك. فمن جهة، يؤكد بعض العلماء أن هذه القدرات المعقدة ليست حكرًا على الثدييات، وأن الأسماك تمتلك قدرات عقلية قد تفوق ما كنا نعتقد. ومن جهة أخرى، يحذر علماء آخرون من تعميم هذه النتائج على جميع أنواع الأسماك، مشددين على ضرورة إجراء مزيد من الأبحاث لتأكيد هذه الاكتشافات، حيث أن هناك آلاف الأنواع من الأسماك لم يُدرس بعد.
العبقري الحلقة 1