-

التعامل مع تشخيص التوحد: خطوات مهمة

(اخر تعديل 2024-10-16 07:12:37 )
بواسطة

تُعتبر لحظة اكتشاف أن طفلك مصاب بالتوحد لحظة مليئة بالعواطف المتضاربة. قد تشعر الأم بأن طفلها يختلف عن باقي الأطفال، وتبدأ مشاعر الحيرة والقلق تتسرب إلى قلبها. قد تراودها أفكار وأسئلة كثيرة حول طبيعة هذا الاضطراب وما يتطلبه من اهتمام ورعاية خاصة.

على الرغم من الحب العميق الذي يشعر به الآباء تجاه أبنائهم، إلا أن مشاعر الحزن والغضب والخوف قد تداهمهم. يبدأون بالتفكير في كيفية توفير الرعاية المطلوبة، ومدى قدرتهم على مواجهة التحديات التي قد تعترضهم.

تشخيص الإصابة بالتوحد

يجب أن يدرك الآباء أن التوحد ليس حالة نادرة كما يعتقد البعض؛ فالإحصائيات تشير إلى أن 1 من كل 54 طفلًا يُشخص بهذا الاضطراب. وقد ساهمت التدخلات والعلاج المبكر في تحسين حياة العديد من الأطفال المصابين بالتوحد، مما أتاح لهم فرصة العيش بحياة مليئة بالمعنى والإنجازات.

هناك أيضًا العديد من المنظمات الداعمة والمجموعات المساعدة، بالإضافة إلى المحترفين في مجال الصحة النفسية، الذين يمكنهم تقديم الدعم لك ولطفلك.

أنواع اضطراب طيف التوحد

في السابق، كان يُشخص التوحد بناءً على أربعة أنواع فرعية، لكن حالياً يتم تقسيمه إلى ثلاثة مستويات وفقًا لمدى شدة الأعراض:

المستوى الأول (التوحد الخفيف)

في هذا المستوى، يتمكن الطفل من استخدام عبارات كاملة، لكنه يواجه صعوبات في تبادل الحديث وفهم الإشارات ولغة الجسد.

المستوى الثاني (التوحد المتوسط)

يتواصل الطفل بعبارات بسيطة، ويظهر سلوكيات متكررة، مما يتطلب رعاية ودعماً كبيرين.

المستوى الثالث (التوحد الشديد)

يحتاج الطفل في هذا المستوى إلى رعاية شاملة، حيث يعاني من صعوبات كبيرة في التواصل، وغالباً ما لا يستطيع التحدث بوضوح، وتكون الأعراض السلوكية أكثر حدة.

أسباب التوحد

حتى الآن، لم تُحدد أسباب التوحد بدقة، لكن يُعتقد أنه يرتبط بمشكلات في بعض أجزاء الدماغ المسؤولة عن معالجة المدخلات الحسية. وهناك عدة عوامل قد ترفع من خطر الإصابة بالتوحد، ومنها:

الجنس

تظهر الدراسات أن الذكور أكثر عرضة للإصابة بالتوحد، حيث يفوق معدل إصابتهم الإناث بأربع مرات.

التاريخ العائلي

وجود أفراد من العائلة مصابين بالتوحد قد يزيد من احتمالية الإصابة لدى الأطفال.

عمر الأبوين

كلما تقدم عمر الأب أو الأم عند إنجاب الطفل، زاد خطر الإصابة بالتوحد.

العوامل الصحية أثناء الحمل

استخدام بعض الأدوية، أو التعرض لمواد كيميائية، أو إصابة الأم ببعض الأمراض مثل السكري والسمنة أو العدوى الفيروسية قد تكون عوامل خطر.

وزن الطفل عند الولادة

الأطفال ذوو الوزن المنخفض عند الولادة قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالتوحد.

الطفرات الجينية

بعض الطفرات الوراثية قد تسهم في زيادة خطر الإصابة بالتوحد.

متلازمة كروموسوم إكس الهش

تعتبر هذه الحالة إحدى الحالات المرتبطة بالتوحد.

التعرض للسموم البيئية

التعرض لمستويات مرتفعة من المعادن الثقيلة والسموم البيئية قد يلعب دورًا في زيادة خطر الإصابة.

الخطوات الأولى بعد التشخيص

عند تلقي التشخيص، يُعتبر التواصل مع الأطباء المتخصصين واستكشاف خيارات العلاج أمرًا بالغ الأهمية. يشمل ذلك العلاج السلوكي، وعلاج النطق، والعلاج المهني. يُنصح أيضًا بالبحث عن مجموعات دعم محلية، حيث يمكن للآباء التفاعل مع من يمرون بتجارب مشابهة ومشاركة مشاعرهم ومواردهم.

تسجيل المواعيد الطبية وتوثيق مراحل تطور الطفل يمكن أن يساعد الوالدين في رسم صورة أوضح عن احتياجات طفلهم. كما يُعتبر التواصل مع الطفل عن طريق القراءة ومشاهدة الفيديوهات التعليمية أمرًا مهمًا، حتى لو بدا أن الطفل لا يهتم.

ومن الضروري أيضًا أن يخصص الآباء وقتًا للاعتناء بأنفسهم، لأن الراحة النفسية تساهم في تعزيز القدرة على مواجهة التحديات.

التعامل مع الضغوط النفسية

تربية طفل مصاب بالتوحد قد تكون مصدراً للتوتر الشديد. يعاني الآباء من مشاعر الحزن والغضب والقلق، ويرجع ذلك إلى تصرفات الطفل مثل نوبات الغضب أو صعوبات التواصل. لذا، من المهم أن يتواصل الآباء مع عائلاتهم وأصدقائهم للحصول على الدعم، والبحث عن مجموعات الدعم التي توفر فهمًا ومعلومات قيمة.

تعليم المهارات الاجتماعية

يتوق كل والد لرؤية طفله يتفاعل بشكل إيجابي مع الآخرين. يمكن للآباء مساعدة أطفالهم على اكتساب الثقة من خلال توضيح السلوكيات الاجتماعية، ودعمهم في فهم الإيماءات والتعابير الوجهية. يمكن أيضًا تنظيم مواعيد للعب مع أطفال آخرين؛ ما يتيح للطفل ممارسة المهارات الاجتماعية في بيئة آمنة.

التحدث عن التوحد

من المهم أن يتحدث الآباء مع أطفالهم عن التوحد بطريقة منفتحة وإيجابية. هذه المناقشات يمكن أن تساعد الطفل في فهم حالته بشكل أفضل، وتعزز ثقته بنفسه. ينبغي للآباء أيضًا أن يسلطوا الضوء على نقاط القوة لدى الطفل، مثل موهبته في الرسم أو الرياضيات، ما يساعده في تقبل نفسه.

مواجهة مشاعر الذنب

يعاني العديد من الآباء من مشاعر الذنب، خاصةً بسبب الاعتقادات القديمة التي تربط التوحد بأساليب التربية. يجب على الآباء أن يتذكروا أن التوحد ليس نتيجة أسلوبهم في التربية، بل هو حالة تتعلق بالجينات والعوامل البيئية. التعرف على هذه المشاعر هو الخطوة الأولى نحو تخطيها.

التأثير على العلاقات الأسرية

يمكن أن يؤثر وجود طفل مصاب بالتوحد على العلاقات الزوجية، حيث يمكن أن تزيد الضغوط النفسية من التوتر بين الشريكين. ومع ذلك، يمكن للأزواج الذين يتمتعون بعلاقة قوية تجاوز هذه التحديات. دعم بعضهم البعض وفتح قنوات التواصل هما عاملان أساسيان لتخفيف الضغوط.

دور الإخوة

يمكن أن يتأثر إخوة الأطفال المصابين بالتوحد بشكل كبير. قد يشعرون بالإهمال أو القلق، ولكن يمكن أن يتعلموا أيضًا التعاطف والتعاون من خلال هذه التجربة. من الضروري توفير الدعم والإيضاحات لهم حتى يتجاوزوا مشاعر الخوف أو الغضب.

التكاليف المالية

تشير الدراسات إلى أن تكاليف تربية طفل مصاب بالتوحد قد تصل إلى 60,000 دولار سنويًا؛ ما يمثل تحديًا ماليًا كبيرًا للعديد من العائلات. التأمين الصحي غالبًا ما يغطي بعض الخدمات، ولكن ليس دائمًا بما يكفي لتغطية جميع الاحتياجات.

تربية طفل مصاب بالتوحد ليست سهلة، لكنها أيضًا ليست رحلة وحيدة. الدعم المتبادل من الأهل والأصدقاء والمجتمع يمكن أن يخفف من الضغوط ويعزز من جودة الحياة لكل أفراد الأسرة. من المهم أن يتذكر الآباء أن كل طفل فريد، وأن التحديات التي يواجهونها يمكن أن تكون مصدرًا للقوة والنمو.


برغم القانون الحلقة 25