-

التعامل مع الطلاق وتقديم الشريك الجديد للأطفال

(اخر تعديل 2025-06-21 12:35:29 )
بواسطة

يُعتبر الطلاق تحولًا جذريًا في حياة الأسر، حيث يصاحبه الكثير من التغيرات العاطفية والسلوكية التي تحتاج إلى وقت ليستوعبها جميع أفراد الأسرة، وبشكل خاص الأطفال. في الوقت الذي يسعى فيه كل من الوالدين لإعادة بناء حياته والتكيف مع الوضع الجديد، تبقى مشاعر الأبناء هشة، معلقة بين الخوف من فقدان الاستقرار والرغبة في الشعور بالأمان.

مع مرور الوقت، قد يظهر شخص جديد في حياة أحد الوالدين، وتبدأ العلاقة في التطور، مما يجعل من الضروري التفكير في كيفية تقديم هذا الشخص للأطفال. وهنا تظهر بعض التساؤلات: هل هذا هو الوقت المناسب؟ هل سيتقبل الطفل وجود شخص آخر؟ وهل يمكن أن تؤثر هذه الخطوة سلبًا على مشاعره أو ثقته بمن حوله؟

كيفية تقديم الشريك الجديد للأطفال

تقديم الشريك الجديد للأطفال ليس مجرد قرار سهل، بل هو لحظة حساسة تتطلب الكثير من الوعي والتخطيط والتفاهم بين الوالدين. فهذه الخطوة لا تتعلق فقط بالراشدين، بل تؤثر بشكل عميق على عالم الطفل الداخلي، وتعيد تشكيل مشاعره التي قد تكون متأثرة بانفصال والديه.

أهمية التوقيت.. ولكن ليس فقط

لا يوجد وقت مثالي واحد يناسب جميع الحالات، فكل عائلة تمر بتجربة الطلاق بطريقتها الخاصة. ومع ذلك، يتفق المتخصصون على أن التعجل في تقديم الشريك الجديد قد يُربك الطفل ويشعره بعدم الأمان، خاصة إذا لم يكن قد تأقلم بعد مع فكرة الانفصال.

قبل اتخاذ خطوة التعريف، من الأفضل أن تكون العلاقة الجديدة مستقرة ومبنية على نية الاستمرارية، بدلاً من أن تكون مجرد تجربة عابرة. الأطفال يحتاجون إلى الثبات، لا إلى سلسلة متغيرة من الوجوه في حياتهم.

دور التفاهم بين الوالدين

مهما كانت طبيعة العلاقة بين الوالدين بعد الطلاق، فمن المفيد أن يتفقا قدر الإمكان على كيفية تقديم الشريك الجديد للطفل. ليس بالضرورة طلب الإذن، بل يجب احترام الطرف الآخر والتعاون لتقليل التوتر والارتباك لدى الطفل. في بعض الحالات، يمكن الاستعانة بمرشد أسري أو منسق بين الأهل لتسهيل الحوار وتحديد الخطوات المناسبة.

كيف يتم التعريف بالشريك الجديد؟

يُفضل أن تكون الخطوة الأولى بسيطة وغير رسمية، في مكان عام ومريح للطفل، مثل حديقة أو مقهى عائلي، على أن يكون اللقاء قصيرًا وغير محمّل بالتوقعات. الهدف من اللقاء الأول هو جعل الطفل يشعر بالأمان وعدم التهديد، وليس فرض علاقة جديدة عليه.

مع مرور الوقت، يمكن توسيع اللقاءات تدريجيًا، وفقًا لتفاعل الطفل وراحته، دون الضغط عليه لتكوين علاقة فورية. ومن الأفضل تأجيل الزيارات الليلية أو الإقامة المشتركة إلى حين ترسيخ الثقة والتفاهم.

ما الذي يجب تجنبه؟

  • الإلحاح على الطفل لتقبل العلاقة فورًا، فالأطفال يحتاجون إلى الوقت لاستيعاب التغيرات.
  • التحدث بسلبية عن الطرف الآخر، حيث يشعر الأطفال بالولاء لكلا الوالدين، ولا ينبغي وضعهم في موقف الولاء القسري.
  • التقليل من مشاعر الطفل؛ إذا أبدى انزعاجًا أو توترًا، يجب الاستماع إليه بتفهم واحتواء.

في حالات الطلاق الصعبة

عندما تكون العلاقة بين الوالدين متوترة أو مشحونة، يصبح من الصعب الاتفاق على طريقة تقديم الشريك الجديد. في هذه الحالة، يُنصح باللجوء إلى مرشد نفسي أو قانوني متخصص بالأسر بعد الطلاق، لتجنب التصعيد أو الوقوع في صراعات قانونية قد تؤثر سلبًا على الطفل.
ليلى الحلقة 37

التوازن هو المفتاح

من المهم أن يدرك كل من الأب أو الأم أن بناء علاقة مع شريك جديد لا يجب أن يأتي على حساب العلاقة مع الطفل. كما يجب على الطرف الآخر من الوالدين أن يتجنب عرقلة هذه الخطوة بشكل غير مبرر، إلا إذا كان هناك خطر حقيقي على سلامة الطفل.

في النهاية، الهدف هو بناء بيئة مستقرة ومحبة للطفل، مهما كانت التغييرات في الحياة الأسرية. لا توجد وصفة واحدة تناسب الجميع، ولكن من خلال التفاهم والصبر واحترام احتياجات الطفل، يمكن تحويل هذه المرحلة إلى بداية صحية لتوازن عائلي جديد.