حميد الشاعري: أيقونة الموسيقى العربية
في عالم مليء بالمواهب المتألقة في مجالات التلحين والغناء والتمثيل، تبرز أسماء قليلة استطاعت أن تترك بصمة مميزة بفضل جرأتها في التجديد وعبقريتها في الإبداع. ومن بين هؤلاء النجوم، يأتي اسم حميد الشاعري كأحد أبرز الفنانين الذين ساهموا في تشكيل الأغنية الحديثة وأعادوا صياغة المشهد الموسيقي في الثمانينيات والتسعينيات من خلال أعماله وألحانه.
وفي هذا اليوم المميز، الذي يصادف 29 من نوفمبر، يحتفل "كابو" - كما يُطلق عليه محبوه - بعيد ميلاده الثالث والستين، محملًا بإرثٍ فني زاخر من النجاحات التي جعلته أيقونة لجيل كامل، وشاهدًا حيًا على التحولات الكبرى في صناعة الموسيقى العربية.
دعونا نغوص في صفحات حياة هذا النجم الفريد، الذي جمع بين الغناء والألحان والتمثيل، ليصبح قصته رمزًا للإصرار والتميز.
نشأة وبدايات حميد الشاعري من بنغازي إلى مصر
وُلِد حميد الشاعري في عام 1961 في عائلة كبيرة من 15 أخًا وأختًا في بنغازي، حيث كان أبوه ليبيًا وأمه مصرية. منذ صغره، أظهر شغفًا بالفن والموسيقى، وكانت والدته الداعم الأكبر له، حيث كانت تهديه آلات موسيقية لتطوير موهبته. لكن القدر لم يمهله الكثير، فقد توفيت والدته عندما كان في الثالثة عشرة من عمره، مما ترك أثرًا عميقًا في حياته.
بدأ حميد مسيرته الفنية بإقامة الحفلات في مدينته بنغازي، ثم انضم إلى فرقة الإذاعة الليبية كعازف أورغ، لكنه غادرها بسبب خلافات فنية. في أواخر السبعينيات، انتقل إلى بريطانيا لاستكمال دراسته في معهد الطيران، وهناك بدأ بتسجيل أعماله في استوديوهات إنجليزية، قبل أن يعود إلى مصر ليبدأ مسيرته الاحترافية على الرغم من معارضة والده.
نجاحات فنية استثنائية لـ حميد الشاعري رغم البداية المتعثرة
بداية حميد الشاعري لم تكن سهلة، حيث فشل ألبومه الأول "عيونها" في تحقيق نجاح يذكر. ولكن بفضل إصراره، حقق نجاحًا ساحقًا مع ألبومه الثاني "رحيل"، الذي نال إعجاب الجمهور في مصر. ومن ثم توالت ألبوماته الناجحة مثل "سنين"، "جنة"، و"حكاية".
تميز حميد بأسلوبه الفريد في التوزيع الموسيقي، مما جعله رمزًا للتجديد في الموسيقى العربية خلال الثمانينيات والتسعينيات. تعاون مع أبرز نجوم جيله مثل عمرو دياب، محمد منير، ومصطفى قمر، وقدم لهم ألحانًا وتوزيعات خالدة.
"كابو" الوسط الفني.. سر اللقب وقصة النجاح
حصل حميد على لقب "كابو" من زميله الفنان فارس، في إشارة إلى مكانته كقائد موسيقي في الوسط الفني. وعلى الرغم من فشل مشروعه الفني الأول، لم يستسلم حميد، بل واصل جهوده لتحقيق نجاحات متتالية ساهمت في تشكيل هوية موسيقية جديدة.
أبرز الأعمال الغنائية
تتميز مسيرة حميد الشاعري بتنوع إنتاجه الفني، حيث قدم العديد من الألبومات مثل "هدوء مؤقت"، "قشر البندق"، و"روح السمارة"، وفي عام 2020 أطلق ألبوم "أنا بابا" الذي تضمن 10 أغاني تعاون فيها مع أسماء بارزة مثل تامر حسين وعزيز الشافعي.
كما أبدع في تقديم دويتوهات ناجحة مثل "عيني" مع هشام عباس و"يا غزالي" مع مصطفى قمر، وكانت له بصمة خاصة مع عمرو دياب من خلال مجموعة من الألبومات الشهيرة.
موهبة حميد الشاعري في التمثيل
رغم دخول حميد عالم التمثيل، إلا أنه لم يجد نفسه فيه، حيث شارك في فيلم "قشر البندق" عام 1995، الذي أخرجه خيري بشارة، وضم مجموعة من الفنانين المعروفين. كما شارك في فيلم "أيظن" مع الفنانة مي عز الدين بعد غياب طويل.
رحلة حميد الشاعري الإنسانية
ارتبط اسم حميد بعلاقات صداقة قوية مع العديد من نجوم جيله، مثل هشام عباس وإيهاب توفيق، حيث استمرت هذه الصداقة لأكثر من 30 عامًا. كما ساهم في إثراء الأغنية الوطنية بألحانه الشهيرة مثل "أمي ثم أمي" و"سينا".
عودة حميد الشاعري بعد وعكة صحية مفاجئة
مؤخراً، تعرض حميد الشاعري لوعكة صحية مفاجئة أثرت على شبكية عينه، مما استدعى نقله إلى المستشفى. ومع ذلك، تعافى بسرعة ليظهر في إحدى حفلات المطرب حسين الجسمي، حيث طمأن جمهوره على حالته الصحية، مما لاقى تعاطفًا كبيرًا من محبيه.
بفضل موهبته الفريدة وألحانه الخالدة، سيظل حميد الشاعري شخصية مميزة في عالم الفن، وبينما يحتفل بعامه الثالث والستين، يواصل "كابو" مشواره الفني بحماس وإبداع، مؤكدًا أن الموهبة لا تعرف التوقف.
أنا أم 2 الحلقة 176