-

الشفاء من الأذى العاطفي وترك اللوم

(اخر تعديل 2025-06-20 11:27:28 )
بواسطة

عندما نواجه الأذى العاطفي، وخاصة في علاقات وثقنا بها، غالبًا ما يكون اللوم هو أول ما يتبادر إلى أذهاننا. نبدأ في لوم من جرحنا، ونتهم أنفسنا بعدم الحذر، ونلقي باللوم على الظروف التي خذلتنا. قد يبدو أن اللوم يمنحنا شعورًا مؤقتًا بالقوة، ولكنه في الحقيقة يجعنا أسرى للماضي.

على النقيض من ذلك، فإن التمكين لا يحتاج إلى تبرير ولا يغذي الغضب، بل يعيدنا إلى اللحظة الحالية حيث نمتلك القدرة على اتخاذ القرار. إنه ما يمنحنا فرصة للشفاء، بدلاً من السعي للانتقام، ويحثنا على النهوض بدلاً من التقوقع.

في هذا المقال، سنستكشف لماذا لا يمكن للوم والتمكين أن يتعايشا، وكيف يمكن لتبني هوية الشفاء أن يساعدنا في استعادة قيمتنا وكرامتنا بعيدًا عن دور الضحية.
الانكسار الحلقة 81

اللوم يعلقنا بالماضي

اللوم يركز على كيف ولماذا حدث الأذى، ويضع السلطة في يد الآخرين أو الظروف الخارجية. بينما التمكين هو تحول داخلي يعيد لنا قيمة اللحظة الحالية، ويمنحنا القدرة على اتخاذ خطوات نحو مستقبل أفضل.

عندما نغرق في اللوم، نجد أنفسنا عالقين في حفرة من الذكريات، نحفرها أعمق كلما استعدنا تفاصيلها. لكن التمكين، على العكس، يمنحنا سلاً للخروج من تلك الحفرة. إنه يعيد ربطنا بقيمنا الحقيقية، ويجعلنا نشعر بأن لدينا السيطرة على حياتنا.

قوة مؤقتة.. ضعف على المدى البعيد

صحيح أن الغضب الناتج عن اللوم يمنحنا شعورًا لحظيًا بالقوة، لكنه سرعان ما يتحول إلى حزن عميق وشك في الذات. هذه الديناميكية النفسية شائعة في العلاج النفسي، حيث يعبّر البعض عن رفضهم للشفاء، معتبرين ذلك "تبرئة" للمسيئين. في تلك اللحظة، يصبح الشخص سجينًا في سردية الماضي، رافضًا استعادة قوته.

كيف تبني ذاتًا تقودك إلى النور؟

للتغلب على سطوة اللوم، يجب تطوير ما يُعرف بـ "هوية الشفاء". وهي حالة داخلية ترتكز على المرونة والقوة والرغبة الحقيقية في تحسين الحياة. صاحب هذه الهوية لا ينكر ألم الماضي، لكنه لا يسمح له بتحديد هويته، ولا يُغرق نفسه في روايات الضحية أو الأفكار السوداوية.

بل يبقى متصلًا برغبته العميقة في التعافي والنمو، ويتعلم كيف يتعامل مع الذكريات المؤلمة بوصفها إشارات لحماية نفسه اليوم، لا تبريرات لتعليق حياته.

الذكريات المؤلمة قد تكون بوابة للشفاء

الألم العاطفي يحمل في طياته آلية للشفاء، ولكنه يحتاج إلى مساحة تُحترم فيها القيم العاطفية العميقة. على سبيل المثال، عندما يحاول الإنسان حماية نفسه من ألم الفقدان عبر منع الحب عن نفسه وعن الآخرين، فإنه يعطل سير الشفاء الطبيعي. بينما إذا سمح لقلبه بأن يحب مجددًا، تتحول ذكرى الفقد إلى لحظة امتنان بدلاً من أن تظل جرحًا مفتوحًا.

بهذا المعنى، تتحول الذكريات مع مرور الوقت إلى محفزات للقوة والوعي، لا إلى عبء يعوق الحياة. لكن ذلك لا يحدث إذا غرقنا في دوامة اللوم أو علقنا هويتنا على ما فعله الآخرون بنا.

اللوم والشفاء لا يسيران معًا. أحدهما يُغذي الغضب ويعيدك إلى الوراء، والآخر يمنحك الهدوء العاطفي والطاقة للمضي قدمًا. في نهاية المطاف، الخيار بين يديك: هل تود أن تكون شاهدًا على ألمك، أم صانعًا لتعافيك؟