ذكرى الفنان الكبير حمدي أحمد
في مثل هذا اليوم من عام 2016، فقدنا واحداً من أعظم فناني الزمن الجميل، الفنان حمدي أحمد. لقد ترك وراءه إرثاً فنياً وسياسياً وإنسانياً يعتبر استثنائياً بشتى المعايير.
رحل حمدي أحمد عن عمر يناهز 82 عاماً بعد صراع طويل مع المرض، تاركاً خلفه مسيرة حافلة بالإنجازات التي لا يمكن نسيانها في مجالات السينما والمسرح والتلفزيون. بالإضافة إلى ذلك، كان له دور بارز في الحياة السياسية والصحفية.
بداية واعدة
وُلد حمدي أحمد في 9 نوفمبر 1933 في محافظة سوهاج، من قلب الصعيد الذي كان مصدر إلهامه. بدأ مسيرته الفنية بعد أن التحق بمعهد الفنون المسرحية، وتخرج منه عام 1961. انضم إلى فرقة التلفزيون المسرحية، وكانت انطلاقته من خلال المسرحية الشهيرة "شيء في صدري" للمخرج نور الدمرداش.
توالت بعد ذلك الأعمال المسرحية المتميزة التي أظهرت موهبته، مثل "الأرض" و"الشوارع الخلفية" و"أدهم الشرقاوي"، حيث أثبت فيها قدراته الرائعة.
في عالم السينما، ترك حمدي بصمة واضحة في العديد من الأفلام التي أصبحت علامات فارقة في تاريخ الفن العربي. وكان فيلم "القاهرة 30" بمثابة نقطة تحول في مسيرته، حيث حصل عن هذا الفيلم على جائزة من جامعة الدول العربية. كما تألق في أفلام مثل "أبناء الصمت" و"العصفور".
موقف جدلي في "ريا وسكينة"
لم تخلُ حياة حمدي أحمد الفنية من المواقف الجدلية، حيث انسحب من مسرحية "ريا وسكينة" بعد خلاف مع الفنانة شادية. كان قد أُسند له دور "الشاويش عبد العال"، لكن موقفاً طريفاً حدث أثناء العرض في الكويت، حيث استقبل الجمهور شادية بعاصفة من التصفيق، مما دفع حمدي للرد بعبارة أثارت استياءها. أدى ذلك إلى استبعاده من المسرحية، ليحل محله الفنان أحمد بدير الذي حقق نجاحاً باهراً.
"القاهرة 30" وموقف طريف مع سعاد حسني
خلال تصوير فيلم "القاهرة 30"، شارك حمدي أحمد موقفاً طريفاً مع الفنانة سعاد حسني. كان المشهد يتطلب قبلة، وشعر حمدي بتوتر شديد كونه كان حديث العهد بالتمثيل. حاول المخرج صلاح أبو سيف تخفيف حدة الموقف، لكن تلك اللحظة ظلت محفورة في ذاكرته كأحد أبرز المواقف في مسيرته.
أدوار خالدة ومسيرة تلفزيونية غنية
شارك حمدي أحمد في أكثر من 35 مسرحية و25 فيلمًا سينمائيًا و89 مسلسلًا تلفزيونيًا، بالإضافة إلى آلاف الساعات الإذاعية. ومن أبرز أعماله السينمائية "صرخة نملة" و"سوق المتعة" و"عرق البلح".
شراب التوت الحلقة 83
أما في الدراما التلفزيونية، فقد تألق في مسلسلات مثل "جمهورية زفتى" و"إمام الدعاة" و"اللص والكلاب".
إلى جانب نشاطه الفني، كان له حضور قوي في الحياة السياسية، حيث انتُخب كعضو بمجلس الشعب عام 1979، كما شغل منصب مدير المسرح الكوميدي عام 1985. وفي المجال الصحفي، كتب مقالات تناولت قضايا وطنية وإنسانية في صحف مثل "الشعب" و"الأهالي".
نهاية مؤلمة وحزن كبير
عانى حمدي أحمد في سنواته الأخيرة من العديد من المشكلات الصحية، بما في ذلك الفشل الكلوي والنوبات القلبية. توفي في 8 يناير 2016 إثر أزمة صحية حادة، وقد شُيّع جثمانه من مسجد الحصري بمدينة 6 أكتوبر، وسط حضور جماهيري كبير من زملائه ومحبيه.
إرث خالد لفنان استثنائي
على الرغم من مرور السنوات على رحيله، إلا أن حمدي أحمد يبقى علامة مضيئة في تاريخ الفن العربي. لقد جمع بين التميز في الأداء الفني والوعي السياسي والاجتماعي، ليترك لنا إرثاً يستحق أن يُخلد في ذاكرة الأجيال القادمة.