حوار مع فايز قزق حول القراءة والأدب
في هذا الحوار الشيق، يتحدث الفنان المبدع فايز قزق عن أحدث قراءاته الأدبية، مستعرضًا علاقته الخاصة بالكلمة والكتاب. فما هي الكتب التي تحتل مكانتها في قلبه اليوم؟ لنغص معًا في عالمه الأدبي.
كيف ومتى بدأت علاقتك بالكتاب؟
مثل كثير من الناس، بدأت رحلتي مع الكتاب في مرحلة الطفولة خلال سنوات المدرسة. هناك، بدأت أدرك كيف يمكن للكلمة أن تفتح أبوابًا جديدة للوعي والمعرفة. لكن هذه العلاقة تطورت بشكل جذري عندما التحقت بالجامعة، وتحديدًا بالمعهد العالي للفنون المسرحية. أصبحت محاطًا بالكلمات والمسرحيات والنصوص الأدبية والنقدية، مما عمق من ارتباطي بالقراءة وأثرها في حياتي.
في عام 1976، بدأت بتكوين مكتبة منزلية. ومع مرور السنوات، نمت هذه المكتبة لتصبح مصدرًا ثريًا للمعرفة، مما دفعني إلى البحث المستمر عن كتب جديدة وترجمات متنوعة لتغذية شغفي بالقراءة.
عند انضمامي إلى سلك التدريس في المعهد، زاد ذلك من دافعي لقراءة المزيد. فكوني أستاذًا لم يكن مجرد نقل للمعلومات، بل كان يتطلب مني البحث والتدقيق في مضمون كل معلومة أقدمها للطلبة.
كما أنني قمت بالعديد من الترجمات في مجال المسرح، خصوصًا في فنون التمثيل والإخراج، وقد نُشرت هذه الترجمات في مجلات ودوريات متخصصة في العالم العربي ودمشق.
ماذا تقرأ اليوم؟
الكتاب الذي أقرؤه حاليًا هو "الكونفدرالية المشرقية" للكاتب أنيس النقاش. هذا الكتاب مهم جدًا لأنه يبحث في إمكانية تحقيق وحدة اقتصادية واجتماعية بين عدة دول في الشرق الأوسط، بما في ذلك بلاد الشام والعراق والشعوب التركية والإيرانية. الكونفدرالية التي يحلم بها النقاش تستند إلى أسس قوية تهدف إلى تحقيق هذه الوحدة المشرقية.
ما الذي يتناوله هذا الكتاب؟ وما مضمونه؟
يتناول هذا الكتاب قضايا السياسات والصراعات بين الهويات الفرعية والكبرى، ويدرس إمكانية تحالف هذه الهويات لمواجهة التكتلات الكبرى في العالم، بهدف بناء حياة أفضل في المنطقة. أوصي بشدة بقراءة هذا الكتاب للشباب الذين يبحثون عن محتوى غني، محفز للتفكير، مرتبط بالصراعات الأزلية التي تشهدها المنطقة، وخاصة الصراع العربي الصهيوني في فلسطين.
من هو كاتبك المفضل؟
في الحقيقة، لا أملك كاتبًا مفضلًا بعينه. كل كاتب يقدم فكرة جديدة تساهم في رفع مستوى وعيي وتغيير رؤيتي بشكل إيجابي هو كاتبي المفضل. هناك العديد من الكتابات التي تحاول فرض نفسها علينا، لكنني أبتعد عن تلك التي لا تحمل قيمة حقيقية، بغض النظر عن شهرة الكاتب أو علاقته بالإعلام. أتحاشى الروايات التي لا تضيف إلى وعينا شيئًا جديدًا.
التنوع هو ما يجذبني؛ كل كتاب يتناول الفنون وفلسفتها أو يناقش قضايا سياسية واجتماعية واقتصادية يعتبر مهمًا بالنسبة لي. القراءة يجب أن تكون منهجية، تتطلب التعمق والبحث، فالفهم لا يأتي من قراءة كتاب واحد فقط، بل يتطلب الاطلاع على العديد من المصادر.
إن استنتاج فكرة أو حقيقة يتطلب قراءة شاملة، إذ يجب علينا أن نكون مستقلين في تفكيرنا، ونبتعد عن التأثيرات الخارجية. القراءة تحتاج إلى تركيز ومنهجية، يجب أن تراعي الذات وتكون إنسانية وعلمية في آن واحد.
متى تقرأ؟
القراءة جزء من حياتي اليومية، هناك دائمًا كتاب مفتوح في المنزل. أحب القراءة في أوقات فراغي، خاصة في المساء حيث أجد أن هذا الوقت مثالي للتركيز بعيدًا عن ضجيج الحياة اليومية.
هل ترتبط القراءة لديك بطقوس معينة؟
الطقس الوحيد الذي أحرص عليه هو الهدوء التام. أحيانًا أستمع إلى موسيقى هادئة تعزز من تجربتي. أيضًا، لا أقرأ دون قلم في يدي، حيث أضع إشارات وملاحظات على كل كتاب أقرأه. هذه الملاحظات تكون قيمة في المستقبل، خاصة عندما أعمل كممثل أو مخرج مسرحي.
خواتي غناتي الحلقة 27
الهدوء خلال القراءة أمر بالغ الأهمية لتركيزي، خاصة في عصر مليء بالتشويش والضوضاء. في كل مرة أفتح فيها كتابًا، أحتاج إلى بيئة تساعدني على الانغماس في عوالم جديدة.
هل من مجالات أو كتب معينة تجذبك؟
أحب الكتب التي تبحث في الآداب والفنون والفلسفة وثقافة الشعوب. كما أنني مهتم بالكتب التي تتناول حضارتنا السورية بكافة مكوناتها. لدينا تاريخ يمتد لآلاف السنين، ويجب أن نستكشفه لنكون أصحاب جذر حضاري قوي.
بين الإلكتروني والورقي.. أيهما الأحب أو الأقرب إليك؟
بالطبع، أفضّل الكتاب الورقي، فهو صديق يمكن أن يرافقنا ويظل بين أيدينا، بل ويُورَث. الكتب الورقية تحفزني على القراءة أكثر من الشاشات التي تشتت الانتباه وتؤثر على بصري. إن الكتاب الورقي يحمل عبق التاريخ وذكريات ملموسة، وهو ما يجعل تجربتي معه فريدة.