اختراع جهاز للكشف المبكر عن السرطان

في إنجاز علمي متميز يمكن أن يُحدث ثورة في طريقة الكشف المبكر عن السرطان حول العالم، قام فريق من الباحثين في جامعة تكساس (UTEP) بابتكار جهاز اختبار منخفض التكلفة، قادر على الكشف عن مؤشرات متعددة للسرطان في الدم بدقة تفوق الطرق التقليدية المستخدمة حالياً. ومن المثير للغاية أن نتائج هذا الاختبار متاحة في غضون 60 دقيقة فقط.

تفاصيل ابتكار جهاز الكشف المبكر عن السرطان

الجهاز الجديد، الذي تم وصفه في دراسة علمية نشرت مؤخراً في مجلة "Lab on a Chip"، يجمع بين مواد ورقية وبلاستيكية عادية لتصنيع أداة تشخيصية دقيقة وبأسعار معقولة. يُعرف هذا الجهاز باسم "Paper-in-polymer-pond" أو اختصاراً PiPP، وهو يعمل على دمج أفضل الخصائص لكل من الورق والبلاستيك، ليقدم سطح اختبار هجين يمكنه الكشف عن العديد من مؤشرات السرطان في آن واحد.

يتضمن النظام ورق الكروماتوغرافيا التقليدي -وهو مشابه لورق فلتر القهوة- الذي يتم وضعه داخل إطار بلاستيكي مُصمم بدقة. وأوضح شيو جون، أستاذ الكيمياء والكيمياء الحيوية في جامعة UTEP، في تصريح صحفي أن هذا الجهاز الحيوي الجديد منخفض التكلفة، حيث يبلغ سعره بضعة دولارات فقط، ويتميز بحساسيته العالية، مما يجعله أداة تشخيصية متاحة للجميع، بغض النظر عن الوضع الاقتصادي.

كيف يعمل جهاز الكشف عن السرطان؟

يركز الجهاز على تحديد مؤشرين رئيسيين للسرطان، وهما المستضد الجيني الجنيني (CEA) المرتبط بسرطان القولون والمستقيم، ومستضد البروستات النوعي (PSA) الذي يساعد في تشخيص سرطان البروستاتا. تظهر هذه البروتينات في الدم بمستويات منخفضة جداً في المراحل المبكرة من السرطان، مما يجعل اكتشافها باستخدام الطرق التقليدية أمراً صعباً.

ما يجعل هذا الابتكار مميزاً هو بساطته وفعاليته. تستغرق عملية الاختبار بكاملها فقط ساعة واحدة، مقارنة بـ 16 ساعة المطلوبة لطرق الاختبار التقليدية. كما يمكن للجهاز اكتشاف هذه المؤشرات السرطانية بتركيزات منخفضة للغاية، بحساسية تفوق 10 أضعاف مجموعات الاختبار التجارية الحالية.

علاوة على ذلك، يتطلب الجهاز فقط قطرة صغيرة من الدم، ويمكن قراءته باستخدام ماسح ضوئي عادي أو حتى كاميرا هاتف ذكي. والأهم من ذلك، أن النظام مصمم ليكون ميسور التكلفة وقابل لإعادة الاستخدام، حيث يمكن استخدام الإطار البلاستيكي عدة مرات ببساطة عن طريق استبدال مكون الورق، مما يجعله مثالياً للعيادات في المناطق ذات الموارد المحدودة.

لا يحتاج الجهاز إلى معدات مختبرية باهظة الثمن أو موظفين مدربين بشكل خاص لتشغيله، مما يسهم في تجاوز العقبات الرئيسية التي تواجه فحص السرطان في البلدان النامية.

مرضى السرطان حول العالم

السرطان يظل أحد أكثر الأمراض فتكًا على مستوى العالم، حيث تم تسجيل 19.31 مليون حالة جديدة و10 ملايين حالة وفاة في عام 2020. ورغم أن الدول المتقدمة تتمتع غالباً بإمكانية الوصول إلى طرق فحص متطورة، فإن الدول النامية تواجه تحديات كبيرة في الكشف المبكر، مما يؤدي إلى معدلات وفيات مرتفعة على الرغم من انخفاض حالات الإصابة.
قلب أسود الحلقة 9

على الرغم من النتائج المشجعة، فإن الباحثين يشيرون إلى أن جعل هذا الجهاز متاحًا للجمهور سيستغرق بعض الوقت. يتطلب النموذج الأولي إجراء تجارب سريرية صارمة مع مرضى حقيقيين، وهي عملية قد تستغرق عدة سنوات، بالإضافة إلى الحاجة إلى موافقة إدارة الغذاء والدواء قبل أن يتمكن الأطباء من استخدامه في العلاج.