سجون اليابان ملاذ للمسنات الهاربات من الفقر
تزايدت أعداد المسنات في اليابان اللواتي يرتكبن مخالفات قانونية ليس بحثًا عن الجريمة، بل هروبًا من واقع مرير يعاني من الوحدة القاتلة والفقر المدقع. في ظاهرة غير تقليدية، تفضل العديد من هؤلاء النساء دخول السجون بدلاً من مواجهة صعوبات الحياة في الخارج، حيث توفر لهن الحياة داخل جدران السجن الأمان والرعاية التي يفتقرن إليها في المجتمع.
لا تبكي يا إسطنبول الحلقة 6
سجون اليابان.. مأوى للمسنات بدلاً من الحياة في الشارع
وفقًا لتصريحات الضابط تاكايوشي شيراناغا لشبكة "سي إن إن"، فإن بعض النساء لا يمانعن في دفع مبالغ مالية للعيش في السجون، حيث يجدن فيها ملاذًا من البرد والمرض، إضافة إلى الحصول على علاج طبي مجاني، وهو ما لم يعد بإمكانهن تحمله بعد مغادرتهن المؤسسة العقابية. هذه الرغبة في البقاء داخل السجن، رغم القسوة والحرمان، تكشف عن عمق المشكلة الاجتماعية التي تواجه كبار السن في اليابان.
أصوات السجينات.. أكيو ويوكو وعالمهما داخل السجون
أكيو، سيدة في الحادية والثمانين من عمرها، تجد في السجن ملاذًا أكثر استقرارًا مما كان عليه وضعها في الخارج. تقول أكيو: "هناك أشخاص طيبون جدًا هنا، ربما تكون هذه الحياة هي الأكثر استقرارًا بالنسبة لي." كلماتها تعكس حجم المعاناة التي يعيشها كثيرون، خاصة أولئك الذين يواجهون العزلة أو فقدان الأمل في الحياة.
أما يوكو، التي تعرضت للسجن خمس مرات بسبب تعاطي المخدرات، فتوضح واقعًا أليمًا: "الكثير من السجينات يقمن بأشياء سيئة عمدًا فقط ليتمكنَّ من العودة إلى السجن، لأنهن لا يملكن شيئًا في الخارج."
فقر المسنين في اليابان.. جريمة السرقة كحلٍ للهروب من الفقر
تشير الإحصائيات الحكومية إلى أن أكثر من 80% من السجينات المسنات في اليابان يقبعن في السجون بتهمة السرقة. تعتبر هذه الجرائم لدى العديد منهن الوسيلة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة، إذ أن حوالي 20% من كبار السن في اليابان يعانون من الفقر، مما يعكس الأزمة الاجتماعية التي تواجهها فئة كبيرة من المسنين الذين لا يملكون مأوى أو مصدر دخل.
السجون اليابانية تتحول إلى دور رعاية.. من العقوبة إلى رعاية المسنين
مع تزايد أعداد السجينات المسنات في اليابان، بدأت السجون تتحول إلى أماكن أكثر رعاية وأقل قسوة. فقد تم تحسين ظروف الحياة داخل السجون، من تغيير حفاظات السجناء إلى تقديم الدعم الطبي والنفسي. بعض السجون أصبحت تشبه دور رعاية المسنين أكثر من كونها أماكن عقوبة، مما يعكس تحول النظام السجني في اليابان.
تشير بعض التقارير إلى أن غياب الدعم العائلي عن السجناء كبار السن يزيد من تعقيد معاناتهم. بينما تكافح الحكومة اليابانية لتوفير دعم أكبر لكبار السن الذين يعانون الإهمال، لا يزال هناك العديد من السجينات اللاتي يتعرضن للعزلة بعد مغادرتهن السجون. هذه الحقيقة تؤكد الحاجة إلى تعزيز الدعم الاجتماعي والمجتمعي لهؤلاء المسنين الذين لا مكان لهم في العالم الخارجي.
خطوات الحكومة اليابانية.. برامج الدعم والإرشاد للمسنين بعد السجن
أقرت السلطات اليابانية بالتحديات التي يواجهها كبار السن بعد مغادرتهم السجون. ومن هنا جاءت جهود وزارة الرعاية الاجتماعية لتعزيز الدعم المبكر، والسعي لإطلاق برامج تهدف إلى إعادة تأهيل السجينات المسنات، بما يشمل توفير المساعدة للحياة المستقلة وتعزيز العلاقات الأسرية، فضلاً عن مكافحة إدمان المخدرات.