مدينة السلط الأردنية: ضيافة الأجيال
تتألق مدينة السلط الأردنية، التي تم إدراجها في قائمة التراث العالمي منذ عام 2021، بلقب "مدينة التسامح والضيافة الحضارية". تقع هذه المدينة الساحرة على الطريق القديم الذي يربط بين عمّان والقدس، وتطل من على سفوح جبال البلقاء على مدينة نابلس، التي تتناظر معها جغرافياً.
تتميز السلط بموقعها الفريد، حيث تمتد بين ثلاث تلال تحيط بوادي الأردن، وأبرزها جبل القلعة، الذي يحتضن بقايا قلعة مدمرة تعود إلى القرن الثالث عشر. وتلقب المدينة بـالمدينة الذهبية، وذلك نسبةً للحجر الأصفر الذي يزين معظم مبانيها ومعالمها التراثية. وما يميز السلط حقاً هو قصتها الفريدة من التسامح والتعايش، فهي تمثل نموذجاً للانسجام بين الأديان والثقافات المختلفة. فلا يُعتبر غريباً أن تجد مسجداً يجاور كنيسة، بينما يتشارك الجيران حياتهم اليومية في وئام واحترام، مما يجسد روح المحبة التي تجمع أهل السلط.
الحجر الأصفر… الهوية المعمارية الخالدة للسلط
في حديثه مع موقعنا، يوضح مدير عام مؤسسة إعمار السلط، المهندس خلدون خريسات، الدور المحوري الذي يلعبه الحجر الأصفر في تشكيل هوية المدينة المعمارية. ويشير خريسات إلى أن السلط تُعرف بـ"المدينة الذهبية" نسبةً لهذا الحجر المحلي، الذي يُستخرج من كهف علقم في منطقة السلالم، والذي يمتد لخمسة كيلومترات تحت الأرض. يُستخدم هذا الحجر في بناء الأقواس والأعمدة والشبابيك وواجهات المباني، حيث تتميز الجدران الحجرية بسمكها وقدرتها على التنفس، مما يجعل البيوت باردة في الصيف ودافئة في الشتاء.
شارع الحمام… نبض تاريخ السلط
بالحديث عن شارع الحمام، الذي يُعتبر من أبرز المعالم التاريخية في السلط، يذكر خريسات أن الشارع سُمي بهذا الاسم نسبةً إلى الحمام التركي القديم الذي كان يُستخدم من قبل الرجال والنساء في فترة لم تكن فيها شبكة المياه متوفرة. يُعد الشارع من أقدم شوارع التسوق في المملكة، حيث يبلغ طوله 300 متر، وتتنوع مبانيه بين المحلات التجارية في الطابق الأرضي والمساكن في الطوابق العليا، مما يجعله نابضاً بالحياة ويحتفظ بجماليته الأصيلة.
أحياء السلط… بين الحارة والأكراد
تسميات الأحياء في السلط تحمل دلالات تاريخية وثقافية عميقة، فالمدينة الجبلية تضم واديين رئيسيين: وادي الأكراد وشارع الميدان، الذي يُعرف بتجمع عشائر تُسمى الحارة. بينما يقطن وادي الأكراد عشائر تُعرف بعشائر الأكراد. هذه الأسماء ليست مجرد مسميات، بل تعكس تاريخاً عريقاً وثقافة محلية مميزة، كما أشار إليها المطرب عمر العبداللات في إحدى أغانيه الشهيرة.
مدرسة السلط الثانوية منبع القادة وصنّاع القرار
تُعتبر مدرسة السلط الثانوية من أقدم المدارس الأردنية، حيث تجسد الاهتمام بالتعليم منذ نشأة المملكة. بُنيت المدرسة بتبرع من أهالي المدينة عام 1921، وافتتحت أبوابها عام 1923، لتخرج أول فوج منها في عام 1925. ومن هذه المدرسة تخرج سبعة رؤساء وزراء، بالإضافة إلى العديد من الشخصيات التي لعبت دوراً محورياً في تاريخ الأردن.
عائلة شاكر باشا الحلقة 7