ليلى مراد: رحلة النجومية والإبداع الفني
في عالم الفن العربي، تظل ليلى مراد واحدة من أبرز الأسماء التي تضيء سماء الإبداع، حيث يمتزج صوتها العذب بأعمالها الخالدة، مما جعلها تتربع على عرش نجمات العصر الذهبي. ومع حلول الذكرى السنوية لرحيلها في 21 نوفمبر/تشرين الثاني، نتذكر فنانة عاشت حياة مليئة بالتحديات والإبداع، تاركةً وراءها إرثًا فنيًا لا يزال يلامس قلوب الأجيال المتعاقبة.
بدايات ليلى مراد ونشأتها
وُلدت ليلى مراد في عام 1918 بمدينة الإسكندرية، في عائلة يهودية تحمل اسم "ليليان زكي إبراهيم مراد موردخاي". كان والدها، زكي مراد، شخصية بارزة في مجال الغناء والتلحين، إذ شكلت نشأتها في كنف عائلة فنية بيئة مثالية لتطوير موهبتها. أما والدتها، جميلة إبراهيم روشو، فكانت من أصول بولندية، مما أضفى على حياتها الثقافية تنوعًا غنيا.
منذ نعومة أظفارها، كانت الموسيقى تحيط بها؛ إذ كان والدها يعمل كمتعهد للحفلات، مما ساعد في توجيه موهبتها الفنية. بدأت ليلى خطواتها الأولى في عالم الغناء وهي في الرابعة من عمرها، حيث تلقت التدريب على يد والدها والموسيقار داود حسني، وقدمت العديد من الحفلات الخاصة التي لاقت استحسان الجمهور، قبل أن تنطلق لتسجيل أولى أسطواناتها التي حققت نجاحًا ساحقًا.
صعود ليلى مراد إلى قمة السينما والغناء
على الرغم من دخول ليلى مراد عالم السينما في عام 1932 من خلال فيلم "الضحايا"، إلا أن انطلاقتها الحقيقية جاءت مع تعاونها مع الموسيقار محمد عبد الوهاب في فيلم "يحيا الحب"، مما جعلها تتألق في سماء الفن. وتوالت أعمالها السينمائية مع عمالقة الفن مثل يوسف وهبي، حيث تألقت في فيلم "ليلة ممطرة"، وشاركت الفنان أنور وجدي في سلسلة من الأفلام الرومانسية الناجحة مثل "ليلى بنت الفقراء" و"عنبر".
السلة المتسخة الحلقة 41
في مجال الغناء، أصبحت ليلى مراد نجمة الإذاعة المصرية، حيث تعاقدت على تقديم حفلات أسبوعية، وأصدرت العديد من الأسطوانات التي لاقت رواجًا واسعًا في العالم العربي، لتصبح صوت الحب الذي يعيش في وجدان الملايين.
محطات عاطفية مثيرة للجدل في حياة ليلى مراد
عاشت ليلى مراد حياة عاطفية مليئة بالأحداث المثيرة، فعلى الرغم من رفض والدها زواجها من رجل أعمال أرجنتيني، إلا أنها ارتبطت بالفنان أنور وجدي أثناء تصوير فيلم "ليلى بنت الفقراء". وقد كان زواجهما محط اهتمام الجمهور واستمر لثماني سنوات قبل أن ينفصلا. كما تزوجت في سرية من وجيه أباظة، وأنجبت منه ابنها أشرف، ثم تزوجت المخرج فطين عبد الوهاب، الذي أنجبت منه الفنان زكي فطين عبد الوهاب.
تفاصيل إسلام ليلى مراد
في لحظة إيمانية مميزة، قررت ليلى مراد اعتناق الإسلام بعد أن تأثرت بسماع الأذان، حيث زارت الأزهر الشريف لإشهار إسلامها. ومن ثم، بدأت في التقرب من رجال الدين، وكان على رأسهم الشيخ محمد متولي الشعراوي، الذي أصبح مستشارها الروحي في العديد من القرارات الهامة.
شائعات رافقت ليلى مراد
واجهت ليلى مراد عدة شائعات مؤلمة، أبرزها اتهامها بالتعاون مع الموساد الإسرائيلي خلال زيارتها لسوريا، وهو ما نفته بشكل قاطع، مما سبب لها حزنًا عميقًا بسبب الأضرار التي لحقت بسمعتها. كما نجت من حادث خطير في لبنان عندما تعرضت السيارة التي كانت تتنزه بها في الجبال لحادث مميت.
تكريم ليلى مراد وإرث فني خالد
حظيت ليلى مراد بتقدير كبير من قبل الجمهور والنقاد على حد سواء، وكان أبرز تكريم لها في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1998. كما تم إعادة إحياء سيرتها الذاتية في مسلسل "أنا قلبي دليلي"، الذي سلط الضوء على مسيرتها وحياتها الشخصية. وإلى يومنا هذا، تظل أغانيها وأفلامها رمزًا للرومانسية والجمال الفني، ويستمر صوتها في إلهام عشاق الفن عبر الأجيال المختلفة.