-

الإصغاء إلى صوتنا الداخلي

(اخر تعديل 2025-04-23 10:19:36 )
بواسطة

في زحمة الحياة اليومية، حيث تتعالى أصوات التزاماتنا ومواعيدنا، نغفل عن صوتنا الداخلي الذي يحتاج إلى الاستماع. نعيش في دوامة من المهام المتراكمة، ونقضي وقتنا في تلبية احتياجات الآخرين، بينما نترك ذواتنا في الخلف. لكن، ماذا عن صوتك أنت؟ هل يستحق الاستماع؟

في عالم يتم فيه قياس النجاح من خلال الإنجازات والمهمات المنجزة، ننسى أن الحياة ليست مجرد قائمة مهام. بل هي تجربة غنية تتطلب منا التوقف قليلاً والتساؤل: "هل أنا مرتاحة؟"، "هل ما أقوم به يعكس حقيقتي؟"، "ما الذي يجول في خاطري؟"

لماذا نستمع للخارج أكثر من الداخل؟

نجد أنفسنا محاطين بالعديد من التفاصيل اليومية التي تستنزف طاقتنا: قائمة المهام، الرسائل غير المقروءة، الاجتماعات المتلاحقة، والالتزامات الاجتماعية. كل هذه الأمور تملأ وقتنا، لكنها تترك أرواحنا فارغة.

قد ننسى أن نطرح على أنفسنا الأسئلة الأساسية: "كيف أشعر حقًا؟"، "هل ما أفعله يناسبني؟"، "لماذا أتصرف بهذه الطريقة؟" انفصالنا عن ذواتنا لا يحدث فجأة، بل يتسلل ببطء عبر عاداتنا اليومية. كلما قمنا بإسكات صوتنا الداخلي، تعلم أن يتلاشى شيئًا فشيئًا.

علامات تدل على أن صوتك الداخلي لم يعد مسموعًا:

  • تتخذين قرارات تُرضي الآخرين رغم شعورك بالضيق.
  • تمرّين بلحظات ضياع تجهلين فيها ما تريدين حقًا.
  • تشعرين بالتعب رغم عدم بذل مجهود جسدي كبير.
  • تكررين الأخطاء نفسها وكأنك لا ترينها.

كيف نُعيد الاتصال بأنفسنا؟

من السهل أن نتحدث عن أهمية الاستماع إلى الصوت الداخلي، لكن الخطوة الأهم هي اتخاذ خطوات عملية للسماح لهذا الصوت بالتعبير عن نفسه. إليك بعض النقاط التي يمكن أن تكون بداية الطريق:

الهدوء الخارجي هو البداية

خصصي وقتًا يوميًا للجلوس في هدوء. لا هاتف، لا موسيقى، ولا مشتتات. فقط أنتِ.

اكتبي بلا فلترة

تساعد الكتابة الحرة، سواء في الصباح أو قبل النوم، على اكتشاف ما يدور في داخلك. اتركي القلم يعبر عن كل ما تودين قوله.

اسألي ولا تنتظري الإجابة

لا تنتظري ردًا فوريًا. اسألي نفسك: "ما الذي أحتاجه الآن؟"، "هل أنا مرتاحة؟"، "ما الذي يزعجني حقًا؟"، ودعي الإجابة تأتي في وقتها.

راقبي جسدك

أحيانًا، يتحدث الجسد بوضوح أكثر من العقل. تسارع نبضات القلب، ضيق التنفس، انقباض المعدة... كلها رسائل تحتاج إلى الانتباه.

ثقي بالحدس

ذلك الشعور الغامض الذي يخبرك أن شيئًا ما ليس مناسبًا، يستحق الاستماع. فقد يكون لديك معرفة أكثر مما تتوقعين.
الغزال الحلقة 4

في ختام الأمر، إن الإصغاء إلى النفس هو فعل محبة للذات. عندما نُصغي إلى أنفسنا، لا نصبح أنانيين، بل نكون صادقين. نسمح لذواتنا أن تكون حاضرة، مرئية، ومعترف بها. وهذا الاعتراف الداخلي هو بداية كل تغيير حقيقي، وكل قرار ينبع من عمق النفس وليس من ضغوط الحياة.

فلا تنسي، لا أحد يعيش بداخلك سواك. امنحي هذا الصوت فرصة ليُسمَع.