ماري كوين: أيقونة السينما المصرية
تُعتبر ماري كوين واحدة من أبرز الفنانات الشاملات في تاريخ السينما المصرية، حيث تميزت في مجالات التمثيل والإنتاج والتأليف السينمائي. حتى يومنا هذا، لا تزال بصمتها حاضرة، مما يجعلها واحدة من الشخصيات المؤثرة في هذا الفن الراقي.
من لبنان إلى قلب السينما المصرية
ولدت ماري بطرس يونس، المعروفة فنيًا بماري كوين، في بلدة تنورين اللبنانية عام 1913. بعد وفاة والدها، انتقلت إلى مصر برفقة والدتها وشقيقتها لتعيش مع خالتها آسيا داغر، المنتجة الشهيرة. كانت هذه الخطوة بداية رحلة طويلة مع الفن، فقد التحقت بمدرسة "سان فنسان دي بول" في القاهرة، لتظهر موهبتها المميزة عندما شاركت لأول مرة في فيلم "غادة الصحراء" عام 1929، وهي في السادسة عشرة من عمرها.
انطلاقة فنية وشراكة أسرية
بدأت ماري كوين مسيرتها الفنية من خلال العمل مع خالتها آسيا داغر، حيث أسستا معًا شركة إنتاج سينمائي تحت اسم "لوتس". قدمت هذه الشركة العديد من الأفلام الناجحة التي ساهمت في تعزيز مكانة ماري في الوسط السينمائي مثل "عندما تحب المرأة". كما شهدت حياتها تحولًا كبيرًا عندما تزوجت من المخرج أحمد جلال، ليؤسسا معًا شركة إنتاج خاصة بهما، بالإضافة إلى "أستوديو جلال"، الذي كان أول استوديو لإنتاج الأفلام الملونة في مصر.
إبداع وراء الكاميرا
لم تتوقف إنجازات ماري كوين عند حدود التمثيل، بل أثبتت نفسها كمنتجة رائدة أدخلت تقنيات جديدة إلى السينما المصرية. كانت أول من أدخل معمل الألوان إلى الشرق الأوسط في عام 1957، مما أحدث ثورة في الإنتاج السينمائي. أنتجت أكثر من 25 فيلمًا وعملت في مونتاج 6 أفلام، لتصبح نموذجًا يحتذى به في الجمع بين الفن والإدارة.
نجاحات وأزمات
تميزت مسيرة ماري كوين بالعديد من النجاحات، لكنها لم تخلُ من الأزمات. من أبرز هذه المحطات كان خلافها مع عبد الحليم حافظ أثناء إنتاج فيلم "فجر"، حيث رفضت ظهوره كممثل في الفيلم. وعلى الرغم من نجاح عبد الحليم لاحقًا، إلا أن ماري بقيت رمزًا للقرارات الجريئة التي ساهمت في كتابة تاريخها الفني.
لمسة أنيقة وشخصية قوية
كانت ماري كوين مثالًا للأناقة والجاذبية، إذ كانت تظهر دائمًا بإطلالات عصرية مميزة تجمع بين الفساتين الراقية والقبعات الأنيقة، بالإضافة إلى مكياج يعكس قوة أدوارها. هذه اللمسة الفريدة جعلتها تبرز في تقديم أدوار متنوعة بين الخير والشر، مما جعلها محط أنظار الجميع.
إرث لا يُنسى
على مدار 58 عامًا، تركت ماري كوين أثرًا لا يُنسى في السينما المصرية من خلال إسهاماتها المتميزة. فقدمت أعمالًا خالدة مثل "الزوجة السابعة" و"نساء بلا رجال"، وكان آخر أعمالها الإنتاجية فيلم "أرزاق يا دنيا" الذي أخرجه ابنها نادر جلال. اعتزلت التمثيل في الثمانينيات، لكنها بقيت رمزًا للإبداع والعطاء الفني.
تكريم مستحق ووداع خالد
حصلت ماري كوين على تكريم من مهرجان القاهرة السينمائي عام 1999، لتؤكد مكانتها كإحدى أبرز رموز العصر الذهبي للسينما المصرية. رحلت عن عالمنا في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2003، لكنها تركت إرثًا فنيًا خالدًا يجسد قصة امرأة صنعت مجدًا لا يُنسى بموهبتها ورؤيتها الفريدة.
أسرار البيوت 2 الحلقة 201