-

ناصر الصالح: عبقرية تلحين لا تُنسى

(اخر تعديل 2025-01-31 08:35:34 )
بواسطة

في عالم الفن والموسيقى، هناك من يترك أثرًا عابرًا، وهناك من يخلد ألحانه في ذاكرة المستمعين، والموسيقار السعودي ناصر الصالح هو واحد من هؤلاء المبدعين الذين استطاعوا بعبقريتهم الموسيقية ترك بصمة لا تُمحى في عالم الفن.

لقد لمع قبطان الطرب الخليجي، كما يُلقب، كأحد أبرز الملحنين الذين أثروا المشهد الغنائي بأعمال خالدة، إذ قدم ألحانًا تحاكي المشاعر وتتغلغل في الوجدان. بصماته تتجلى في الأغاني الوطنية، والدراما التلفزيونية، وكذلك من خلال التعاونات التي أقامها مع كبار نجوم الخليج والعالم العربي.

نشأته وبداياته

نشأ ناصر الصالح في بيئة فنية غنية ساهمت في صقل موهبته منذ الصغر. فقد كان والده يمتلك شركة إنتاج فني، مما أتاح له فرصة الاحتكاك المبكر بنجوم الطرب والموسيقى. تأثر في بداياته بالفنان الشعبي عيسى الأحسائي، وهو ما انعكس على أسلوبه الموسيقي الذي مزج بين الأصالة والتجديد.

منذ انطلاقته قبل أربعة عقود، تميز الصالح بحس مرهف وقدرة استثنائية على صياغة الألحان، مما جعله الخيار الأول لأهم المطربين الذين يبحثون عن التميز والتجديد. تعاون مع عمالقة الفن مثل فنان العرب محمد عبده، والنجمة أحلام الشامسي، والنجم رابح صقر، والنجم ماجد المهندس، وغيرهم.

بصمة قوية في الأغاني الوطنية

لم يقتصر إبداع ناصر الصالح على الأغاني العاطفية فقط، بل كانت له بصمة قوية في الأغاني الوطنية التي خلدت في الذاكرة السعودية. قدم أعمالًا غنائية تغنت بالوطن وروحه، وكان حضوره في المناسبات الوطنية مؤثرًا من خلال ألحانه التي أصبحت جزءًا من الهوية الموسيقية للمملكة.

من الأعمال الوطنية التي قدمها، أغنيتي "الله أكبر يا بلد" و"عهد سلمان" مع محمد عبده، وأغنية "كبر البارود" مع عبد المجيد عبدالله، و"لوح بكفك"، و"على خطى زايد" مع ماجد المهندس. كما قدم العديد من الأوبريتات التي أثرت في الوجدان.
أمنية وإن تحققت الحلقة 509

بصمة في الدراما أيضًا

في مجال الدراما، كان لنصر الصالح إسهام بارز من خلال تقديم ألحان مميزة لعدد من المسلسلات التي حققت نجاحًا واسعًا، مثل المسلسل السعودي "العاصوف"، الذي استطاع بموسيقاه أن يعكس أجواء الزمن الماضي ويضيف بُعدًا حسيًا للمشاهد الدرامية. كما لحن موسيقى مسلسلات "حامض حلو"، و"أيام السراب"، و"مجاديف الأمل".

ولم تتوقف موهبته عند تلحين الأغاني الوطنية والرومانسية، بل لديه سجل حافل من الأغاني الرياضية التي تُسجل في ذاكرة المواطن السعودي.

موهبة فذة

بفضل موهبته الفذة، استطاع ناصر الصالح أن يكون أحد أعمدة التلحين في الخليج. فهو ليس مجرد ملحن يصنع الألحان، بل فنان يترجم المشاعر إلى موسيقى تنبض بالحياة. أعماله لا تُسمع فقط، بل تُشعر، وهذه هي علامة الإبداع الحقيقي.

مرضه ورحيله

على الرغم من نجاحه الفني الكبير، شهدت السنوات الأخيرة من حياته معاناة صحية متكررة، بلغت ذروتها في يناير/كانون الثاني 2022 عندما خضع لجراحة قسطرة بالقلب. اضطر أيضًا للانسحاب من مقابلة إذاعية بسبب شعوره بالإرهاق الشديد، لكن المرض لم يمنعه من مواصلة العطاء حتى رحيله.

برحيل ناصر الصالح، فقدت الساحة الفنية أحد أهم الملحنين الذين تركوا بصمة لا تُمحى في تاريخ الأغنية الخليجية. ستظل ألحانه خالدة في وجدان محبيه وأرشيف الموسيقى العربية.