جائزة نوبل في الطب 2025: إنجازات ملهمة
منحت جمعية نوبل في معهد كارولينسكا في السويد جائزة نوبل في الطب لعام 2025 لثلاثة علماء بارزين، وذلك تكريمًا لاكتشافاتهم الثورية في مجال "التحمل المناعي المحيطي". هذا الاكتشاف يعد خطوة هامة في فهم كيفية تفاعل الجهاز المناعي مع الأجسام الغريبة دون الإضرار بالخلايا السليمة في الجسم.
تشارك في هذه الجائزة كل من العالم الياباني شيمون ساكاغوتشي والباحثين الأمريكيين ماري برونكو وفريد رامسديل، الذين أجروا أبحاثًا متقدمة تفسر كيفية قيام الجهاز المناعي بمهاجمة العدوى الضارة بينما يحافظ على سلامة خلايا الجسم. إن بحثهم حول الخلايا التائية التنظيمية، المعروفة باسم "حراس الجهاز المناعي"، يعد بمثابة حجر الزاوية لفهم هذه الآلية المعقدة.
بارينيتي الحلقة 85
ماذا نعرف عن التحمل المناعي المحيطي؟
التحمل المناعي المحيطي هو مفهوم يشير إلى مجموعة من الاستراتيجيات التي يعتمدها الجهاز المناعي لتجنب الاستجابة العدائية ضد البروتينات البيئية التي لا تمثل خطرًا على الجسم. هذه الاستراتيجيات تعتبر أساسية لضمان عدم مهاجمة الجهاز المناعي لأنسجة الجسم نفسه.
يتكون الجهاز المناعي من أنظمة متعددة تعمل معًا لاكتشاف ومحاربة البكتيريا والفيروسات، حيث يتم تدريب الخلايا التائية، وهي أحد محاربي المناعة الرئيسيين، على التعرف على العوامل الضارة. وفي حالة حدوث خلل في هذه الأنظمة، قد تظهر أمراض المناعة الذاتية. خلال عملية تُعرف باسم "التحمل المركزي"، يتم التخلص من الخلايا التائية التي قد تشكل خطرًا على الجسم في الغدة الزعترية، وهي المكان الذي تنضج فيه خلايا الدم البيضاء.
من المهم أن ندرك أن الجهاز المناعي يعتمد على خلايا الدم البيضاء للبحث عن علامات العدوى، حيث تستخدم مستشعرات تُعرف بالمستقبلات، والتي تُنتج بتراكيب عشوائية متعددة، مما يمنح الجهاز المناعي القدرة على مهاجمة مجموعة متنوعة من الغزاة. لكن هذه العشوائية قد تنتج خلايا دم بيضاء قادرة على مهاجمة أنسجة الجسم.
يدرك العلماء الآن أن بعض خلايا الدم البيضاء الضارة تُدمر في الغدة الزعترية، ويعلمون أيضًا أن قدرة هذه الخلايا على كبح أي خلايا مناعية أخرى قد تفشل في حالات مثل داء السكري من النوع الأول، والتصلب اللويحي، والتهاب المفاصل الروماتويدي. وفي حالات مثل السرطان، تقوم الخلايا التائية التنظيمية بمنع الجسم من محاربة الأورام، مما دفع الباحثين إلى التركيز على تقليل أعداد هذه الخلايا. بينما في حالات الأمراض المناعية الذاتية، تهدف التجارب إلى تعزيز الخلايا التائية التنظيمية لحماية الجسم من الهجمات.
من هم الفائزون بجائزة نوبل في الطب 2025؟
تُمنح جائزة نوبل في الطب لعام 2025 لكل من شيمون ساكاغوتشي وماري برونكو وفريد رامسديل، حيث تبلغ قيمة الجائزة 11 مليون كرونة سويدية (ما يعادل 1.2 مليون دولار أمريكي).
ماري برونكو، باحثة أمريكية تبلغ من العمر 64 عامًا، تشغل منصب مديرة برامج أولى في معهد بيولوجيا الأنظمة في سياتل. بينما فريد رامسديل، باحث أمريكي أيضًا في الـ64 من عمره، هو مستشار علمي لشركة سونوما بيوثيرابيوتكس في سان فرانسيسكو.
أما شيمون ساكاغوتشي، فهو باحث ياباني معروف، يبلغ من العمر 74 عامًا، ويعمل كأستاذ مرموق في مركز أبحاث علم المناعة في جامعة أوساكا. وقد حقق إنجازًا كبيرًا في عام 1995 عندما اكتشف نوعًا فرعيًا من الخلايا التائية لم يكن معروفًا سابقًا، والتي تُعرف الآن بالخلايا التائية التنظيمية.
في عام 2001، اكتشف برونكو ورامسديل طفرة مهمة في جين يُسمى Foxp3، وهو جين يرتبط أيضًا بمرض مناعي ذاتي نادر. وبعد عامين، ربط ساكاغوتشي بين اكتشافاتهم ليظهر كيف يتحكم جين Foxp3 في نمو هذه الخلايا التنظيمية التائية، مما يساعد على منع الخلايا التائية الأخرى من ردود الفعل المفرطة.