-

سميرة توفيق: أيقونة الغناء البدوي

(اخر تعديل 2024-12-25 08:27:25 )
بواسطة

عندما يُذكر الغناء البدوي، يتبادر إلى الأذهان اسم سميرة توفيق، التي تُعتبر واحدة من أبرز الرموز في هذا المجال. بصوتها العذب ولهجتها الأصيلة، نجحت سميرة في أن تكون جسراً يربط بين التراث العربي والجماهير في مختلف أنحاء العالم، محققةً مسيرة فنية خالدة تعكس روح البادية وقيمها الفريدة.

من مسارح بيروت الصغيرة إلى المحافل العالمية الكبرى، أصبحت سميرة توفيق رمزاً للهوية الفنية اللبنانية ومرآة تعكس الأصالة والجمال. وفي ذكرى ميلادها، نعود لنستعرض مشوار هذه الفنانة الاستثنائية التي ألهمت الأجيال واحتفظت بمكانتها في ذاكرة الفن العربي.
المشردون الحلقة 7

سميرة توفيق.. ميلاد فنانة استثنائية

وُلدت سميرة توفيق في 25 ديسمبر 1935، في قرية أم حارتين بمحافظة السويداء السورية لعائلة أرمنية مسيحية. نشأت في كنف عائلة بسيطة، حيث كان والدها غسطين يعمل بميناء بيروت، ووالدتها نعيمة تدير شؤون المنزل. منذ طفولتها، تميزت بموهبة فريدة نبأت بمسيرة فنية زاخرة جعلتها أيقونة الغناء البدوي بلا منازع.

البدايات الفنية… من مسارح بيروت إلى القلوب العربية

بدأت سميرة رحلتها الفنية في سن الثالثة عشرة، حيث غنّت على مسارح بيروت مثل مسرح عجرم، ثم انتقلت إلى مسارح أكثر شهرة، ووقفت على خشبة "مسرح طانيوس". وقدمت أغاني كبار المطربين مثل سعاد محمد وليلى مراد، وكانت أول أجر لها مئة ليرة لبنانية، لتبدأ بعدها مشواراً امتد لعقود من النجاحات.

الغناء البدوي… هوية فنية تراثية

تميزت سميرة بتبنيها اللون البدوي الذي شكل هويتها الفنية منذ بداياتها. ومع أوائل الستينيات، تبنتها إذاعة الأردن الرسمية، وقدمت أعمالاً بارزة مثل "بين الدوالي" للشاعر جميل العاصي. بفضل هذا اللون الفريد، انتشرت أغانيها سريعاً في لبنان والعالم العربي، لتصبح رمزاً للأغنية البدوية الأصيلة.

محطات عالمية وتكريمات بارزة

لم تقتصر شهرة سميرة توفيق على الوطن العربي فقط، بل وصلت إلى العالمية. وافتتحت "أوبرا هاوس" في ملبورن الأسترالية برفقة وديع الصافي، بحضور الملكة إليزابيث الثانية. كما مثّلت لبنان في انطلاق النادي اللبناني المكسيكي، وحصدت العديد من التكريمات الدولية، مثل المفاتيح البرونزية والذهبية في فنزويلا، لتترسخ مكانتها كسفيرة للفن اللبناني.

إسهامات في السينما والتلفزيون

قدمت سميرة أعمالاً درامية وسينمائية ناجحة، أبرزها أفلام مثل "فاتنة الصحراء" و"البدوية العاشقة"، ومسلسلات مثل "فارس ونجود" و"سمرا". كما جسدت أغانيها رسائل ثقافية واجتماعية، أبرزها "يا هلا بالضيف"، التي أصبحت رمزاً يُذاع في المناسبات الرسمية.

حياتها الخاصة وعلاقتها بالفن

رغم بُعد حياتها العاطفية عن الأضواء، إلا أن ارتباطها بعز الدين الصبح، مدير تلفزيون لبنان، وزواجها لاحقاً من رجل أعمال لبناني في السويد كانا الحدثين الأبرز في حياتها الشخصية. ورغم اعتزالها، إلا أن إرثها الفني ما زال ينبض في قلوب عشاقها.

التحديات الصحية وقوة الإرادة

واجهت سميرة تحديات صحية عديدة، كان أبرزها إصابة خطيرة أثناء تصوير فيلم "بدوية في باريس"، لكنها تغلبت على تلك المحنة بصلابتها لتستكمل مسيرتها المميزة.

إرث خالد وإلهام للأجيال

بأغانيها وأعمالها، نجحت سميرة توفيق في أن تكون رمزاً للفن البدوي وسفيرة للتراث اللبناني. إرثها الفني لا يزال شاهداً على إبداعها وإلهامها للأجيال، مؤكداً أن مسيرتها الفنية ليست مجرد رحلة عابرة، بل بصمة خالدة في تاريخ الفن العربي.