رحيل الأديب الإماراتي عبد الرحمن الحمادي
فقدت الساحة الأدبية والفنية في الخليج واحدًا من أبرز أعلامها، الأديب والكاتب الإماراتي عبد الرحمن الصالح الحمادي. رحيله شكل حدثًا مؤلمًا لأنه كان أحد الأسماء اللامعة التي تركت بصمة واضحة في تاريخ المسرح والسينما في المنطقة.
من هو عبد الرحمن الصالح الحمادي؟
عاش الحمادي حياة مليئة بالعطاء والإبداع، إذ أسهم بشكل ملحوظ في تأسيس الثقافة المسرحية والسينمائية، تاركًا وراءه إرثًا عظيمًا يمتد عبر الأجيال. منذ صغره، كان لديه شغف كبير بالفن والثقافة، وبدأ مسيرته في الصحافة والإعلام، حيث عمل في مجالات متعددة مثل الصحافة المكتوبة والإذاعة والتلفزيون. استخدم هذه المنابر لتمرير رسائله الثقافية والفنية إلى المجتمع.
على الرغم من تنوع مجالات عمله، إلا أن حبه العميق للمسرح والسينما هو ما أضفى على حياته عمقًا خاصًا، وأدى إلى بناء علاقة وثيقة مع الحركة الفنية الخليجية.
مساهماته في المسرح والسينما
لم يكن عبد الرحمن الحمادي كاتبًا فحسب، بل كان أحد مؤسسي الحركة المسرحية في الخليج. بدأ رحلته مع المسرح الكويتي، وشارك بشكل فعال في تأسيسه، ليصبح جزءًا لا يتجزأ من فرقة مسرح الخليج العربي.
وفي الإمارات، شغل العديد من المناصب الثقافية البارزة، مثل مدير المركز الثقافي في الشارقة ومدير المراكز الثقافية التابعة للحكومة الاتحادية. ومن أبرز أعماله في السينما هو تأليفه لفيلم "بس يا بحر"، الذي يُعتبر أول فيلم كويتي خليجي تم إنتاجه في السبعينات. أخرجه المخرج خالد الصديق عام 1972، ويُعد أحد أبرز الأعمال الفنية التي قدمت نظرة عن حياة الخليجيين في فترة ما قبل النفط. ورغم عدم فوزه بجائزة الأوسكار، إلا أن "بس يا بحر" حصل على العديد من الجوائز من مهرجانات عربية ودولية، ليصبح علامة فارقة في تاريخ السينما الخليجية.
الإبداع التلفزيوني والمسرحي
لم تقتصر إسهامات الحمادي على السينما فقط، بل شملت أيضًا عالم التلفزيون والمسرح. كتب العديد من الأعمال الدرامية التي تركت أثرًا عميقًا في نفوس الجمهور الخليجي، ومن أبرز هذه الأعمال مسلسل "حبابة"، الذي أُنتج عام 1977. كان المسلسل يروي قصصًا تراثية عبر الحكايات التي ترويها الجدة "حبابة"، وقد حقق نجاحًا باهرًا وحظي بإعجاب العديد من الأجيال.
كما قدم العديد من المسرحيات المتميزة مثل "دوائر الخرس" و"القصة التي لم تسردها شهرزاد"، والتي كانت جزءًا من المهرجان المسرحي الأول لدول مجلس التعاون الخليجي في بداية الثمانينات، مما عزز مكانته كأحد رواد المسرح الخليجي.
الوفاة وترك الإرث الثقافي
في الأسبوع الذي سبق وفاته، كان عبد الرحمن الحمادي يتلقى العلاج في مستشفى بأبوظبي بعد تعرضه لوعكة صحية شديدة، وفارق الحياة بعد معاناة طويلة. شكل رحيله خسارة كبيرة للساحة الثقافية في الإمارات والخليج، حيث نعته العديد من الجهات الرسمية والفنية مثل جمعية المسرحيين في الإمارات والمثقفين عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
إش إش الحلقة 15
إرثه الثقافي
ترك عبد الرحمن الحمادي إرثًا ثقافيًا لا يُنسى، سواء من خلال أعماله الأدبية أو السينمائية أو المسرحية. وقد أسهم بشكل رئيسي في تأسيس الحركتين السينمائية والمسرحية في الخليج، ليُعد أحد رواد هذه الحركات. وعلى الرغم من رحيله، سيظل اسمه محفورًا في الذاكرة الثقافية للخليج، وستظل أعماله مصدر إلهام للأجيال القادمة من المبدعين.
إرث فني خالد
رحل عبد الرحمن الحمادي، لكن إرثه الفني سيظل خالداً. لا تزال أعماله السينمائية والمسرحية تعكس تطور الثقافة الخليجية وتدعم الحوار الثقافي بين الأجيال. أصبح الحمادي جزءًا من تاريخ الأدب والفن في الخليج، وسيظل اسمه يتردد في الساحات الثقافية، بما تركه من بصمة قوية على كافة الأصعدة.