-

أثر العلاقة بين الأم وابنتها على شخصيتها

(اخر تعديل 2025-04-28 09:11:33 )
بواسطة

تُعتبر العلاقة بين الأم وابنتها أحد أهم الروابط الإنسانية التي تلعب دورًا محوريًا في تشكيل تصورات الفتاة عن نفسها وعن العالم من حولها. فالكلمات التي تختارها الأم أثناء حديثها مع ابنتها ليست مجرد تعبيرات عابرة، بل هي بمثابة بذور تُزرع في عمق نفس الفتاة، لتثمر لاحقًا ملامح شخصيتها وتحدد نوع علاقاتها الاجتماعية والعاطفية.

عندما تفتح الأم قلبها لابنتها وتتحدث عن مشاكلها الزوجية وهمومها العاطفية، فإنها قد تؤثر على تصورات ابنتها حول الحب والارتباط بشكل غير مباشر. هذه الأحاديث، رغم نواياها الطيبة، قد تزرع في أعماق الفتاة شعورًا مضطربًا حول مفهوم الثقة والأمان العاطفي.

حين تتحول العلاقة إلى عبء مبكر

في سنواتها الأولى أو فترة المراهقة، تحتاج الفتاة إلى رؤية والديها كنموذج للاستقرار، بدلاً من أن تكون حياتهم ساحة معركة مفتوحة. عندما تتحدث الأم عن آلامها وخيبات أملها، فإنها تضع على عاتق طفلتها عبءًا نفسيًا يفوق قدرتها على التحمل، مما يجعلها في موقف من يحكم ويختار قبل أن تكتمل أدواتها العاطفية.
شراب التوت الحلقة 99

لا تكتفي الابنة بتحمل هذا الثقل، بل تبدأ في بناء أفكار مشوهة عن الحب، مثل: "الحب ألم"، و"الزواج معركة مستمرة"، و"الثقة وهم"، مما يؤدي إلى ترسيخ هذه الأفكار كحقائق غير قابلة للنقاش.

تصدّع النموذج العاطفي الداخلي

الابنة لا تتعلم فقط من النصائح، بل أيضًا من النماذج التي تراها حولها. إذا كان النموذج المتاح هو الأم التي تعاني من الوحدة، أو تشكو من ظلم زوجها، فإن الفتاة ستبدأ في تكوين قناعة أن الارتباط العاطفي هو مجرد باب للحزن.

ومع مرور الوقت، قد تجد نفسها إما هاربة من الحب خوفًا من نتائجه، أو تدخل في علاقات هشة تؤدي بها إلى نفس المسارات المؤلمة التي شهدتها في حياة والدتها.

الأمومة لا تعني الشراكة في الأحزان

كونك أمًّا لا يعني أن تخلعي درعك أمام ابنتك. ليس من العدل أن تجعل ابنتك تشهد على ما يجب أن يبقى سريًا بين البالغين. حين تتحدثين عن مشكلاتك الزوجية، فإنك تضعين على كاهلها عبء إصلاح علاقتك، مما يسرق منها طفولتها ويؤثر على نظرتها للعلاقات.

ما الذي تحتاجه الابنة حقًا؟

تحتاج الفتاة إلى رؤية نموذج صحي أو على الأقل متماسك للعلاقة. يجب أن تصدق أن الحب ممكن، وأن الزواج هو شراكة مليئة بالرحمة، حتى لو واجهت بعض التحديات. تحتاج إلى الشعور بأن الأمان الداخلي لا يتزعزع بسبب خلافات عابرة، وأن الأزمات لا تعني نهاية العلاقة دائمًا.

الصمت الواعي هنا ليس كتمانًا، بل هو شكل من أشكال الحماية. الاعتراف بوجود خلافات لا يعني أن تكون الابنة طرفًا فيها. بإمكان الأم أن تظهر قوة التماسك والاحتواء دون نقل التفاصيل التي قد تزعزع شعور ابنتها بالأمان.

عندما تتحدث الأم لابنتها عن مشكلاتها الزوجية، فإنها لا تروي فقط أحداث حاضرها، بل تساهم في تشكيل ملامح مستقبل ابنتها العاطفي دون أن تدرك. لذا، يجب أن تكون حذرة في اختيار كلماتها وواعية بثقل الرسائل غير المباشرة، من أجل حماية براءة ابنتها ومنحها الفرصة لتخيل علاقة صحية تنمو فيها بدلاً من أن تخاف منها أو تفر منها.