سؤال النار: رواية تأمل في تاريخ العراق

في عالم الأدب العربي، يتجسد الإبداع في أعمال الروائيين الذين يسعون لتسليط الضوء على قضايا إنسانية وتاريخية عميقة. الروائي العراقي علي لفته سعيد، من بين هؤلاء الكتّاب المبدعين، حيث يقدم لنا في روايته الأخيرة "سؤال النار" رؤية تأملية تسبر أغوار الأحداث التاريخية، محاولاً الإجابة عن السؤال المحوري الذي يحمله عنوان الرواية.
شراب التوت الحلقة 81

دلالة "سؤال النار" في السياق التاريخي

تُعتبر رواية "سؤال النار" واحدة من الأعمال الأدبية التي تعكس عمق التفاعل بين الأدب والتاريخ. حيث يستند سعيد إلى أحداث تاريخية وقعت في وطنه العراق، بدءًا من أسطورة جلجامش وصولاً إلى الحاضر، ليظهر لنا كيف أن التاريخ ليس مجرد سرد للوقائع، بل هو حوار مستمر مع الماضي.

رواية "سؤال النار" في معرض القاهرة الدولي للكتاب

تأتي مشاركة الرواية في معرض القاهرة الدولي للكتاب، بدورته السادسة والخمسين، التي ستقام من 23 يناير إلى 5 فبراير 2025، لتكون فرصة للقراء للتعرف على العمق الأدبي الذي تحمله. إن هذه المشاركة ليست مجرد عرض، بل هي دعوة للتفاعل مع الأفكار والمشاعر التي تنبض بها الرواية.

رحلة المؤلف الأدبية

يُعتبر "سؤال النار" ثمرة جهود علي لفته سعيد الأدبية، الذي أبدع في كتابة 15 رواية سابقة، بالإضافة إلى ست مجموعات شعرية وثمانية كتب نقدية ومسرحيتين. هذا الإرث الأدبي يجعل منه مؤلفاً مؤهلاً لاستكشاف الأسئلة الوجودية التي تثيرها روايته، حيث تتضمن 247 صفحة من القطع المتوسط تمزج بين الأبعاد الاجتماعية والسياسية.

حبكة الرواية: صراع الأفكار في قلب بغداد

تدور أحداث الرواية حول شاب خرّيج قسم التاريخ، يعمل بائعًا للكتب التاريخية في شارع المتنبّي وسط بغداد. لكن حياته تأخذ منعطفًا مأساويًا بعد أن يفقد والده في حادث انفجار سيارة مفخخة. وهنا، يبدأ الشاب في طرح تساؤلات وجودية عن سبب العنف والقتل، مما يدفعه للعودة إلى صفحات التاريخ طالبًا للإجابات.

الحوار بين الشاب والتاريخ

تتخذ الرواية منحىً فانتازيًا، حيث يتحول التاريخ إلى شخصية حية يجري معها الشاب حوارًا عميقًا في مكتبة والده. هذه المحادثات تتجاوز حدود الواقع، لتتجه نحو شوارع بغداد وأزقتها، حيث يتناولان قضايا جوهرية تتعلق بالحياة والمآسي التي عانى منها الشعب العراقي.

رسالة الرواية: التاريخ كمرآة للواقع

يسعى سعيد من خلال روايته إلى كشف النقاب عن المسكوت عنه في صفحات التاريخ، منذ حقبة جلجامش وحتى العصر الحديث. يتساءل الشاب عن مسؤولية التاريخ عن المآسي التي تعرض لها، بينما يدافع التاريخ عن نفسه موضحًا أن مشكلته تكمن في كيفية تفسير الأحداث وليس في توثيقها.

إن رواية "سؤال النار" ليست مجرد سرد لقصص تاريخية، بل هي دعوة للتأمل والتفكير في كيفية تأثير التاريخ على الحاضر، وما يمكن أن نتعلمه من تلك الدروس. إنها رحلة في عمق الذات الإنسانية، تتجاوز الزمن والمكان لتسليط الضوء على جوهر التجربة البشرية.