-

الفجوة بين العمر الافتراضي والصحي

(اخر تعديل 2024-12-13 12:11:31 )
بواسطة

في عصر يتطور فيه مجال الطب والرعاية الصحية بشكل متسارع، نلاحظ زيادة ملحوظة في معدلات العمر الافتراضي. ولكن، يجب أن نتساءل: هل هذه الزيادة تعني تحسنًا في جودة الحياة؟ وفقًا لدراسة حديثة أجرتها "مايو كلينك"، فإن الفجوة بين العمر الافتراضي (المدة التي يعيشها الإنسان) والعمر الصحي (المدة التي يقضيها الإنسان بصحة جيدة) تتسع، مما يثير قلقًا كبيرًا بشأن نوعية هذه السنوات الإضافية.

أرقام تكشف الفجوة العالمية

تشير الأبحاث المنشورة في مجلة JAMA Network Open إلى أن الدراسة التي شملت 183 دولة، قد أظهرت أن متوسط الفجوة بين العمر الافتراضي والعمر الصحي بلغ 9.6 سنوات على مستوى العالم في عام 2019. وهذا الرقم يمثل زيادة بنسبة 13% مقارنة بعام 2000.

في الولايات المتحدة، كانت الفجوة أكبر حيث سجل الأمريكيون متوسط 12.4 سنة من الحياة مع الأمراض أو الإعاقات المزمنة. هذه الفجوة لا تمثل تحديًا صحيًا فحسب، بل تعكس أيضًا ضرورة إعادة النظر في السياسات الصحية المتبعة.

الدكتور أندريه تيرزيتش، مدير مركز مايو كلينك للعلاجات الحيوية التجديدية، يؤكد أن "زيادة العمر الافتراضي غالبًا ما تعني المزيد من السنوات المثقلة بالأمراض، مما يستدعي جهودًا دولية لتقليص هذه الفجوة وتحسين جودة الحياة".

تفاوتات بين الجنسين والمناطق الجغرافية

أظهرت الدراسة أيضًا اختلافات واضحة بين الجنسين، حيث كانت الفجوة أكبر بمقدار 2.4 سنة لصالح النساء. ويعزى ذلك إلى تأثير الاضطرابات الصحية مثل الأمراض العصبية والعضلية، بالإضافة إلى مشاكل الجهاز التناسلي التي تؤثر بشكل أكبر على النساء.

وعلى صعيد المناطق الجغرافية، فإن الدول ذات النظم الصحية المتقدمة ليست محصنة من هذه الفجوة. في الولايات المتحدة، تفاقمت المشكلة نتيجة لانتشار الأمراض المزمنة، مثل اضطرابات الصحة العقلية وتعاطي المواد، فضلاً عن أمراض الجهاز العضلي الهيكلي.

كيف نعالج الفجوة؟

يؤكد الباحث أرمين غارماني، المؤلف الرئيسي للدراسة، أن "البيانات تظهر ضرورة التحول نحو أنظمة رعاية صحية استباقية تركز على تعزيز الصحة واللياقة البدنية بدلاً من مجرد معالجة الأمراض".

لكل منطقة جغرافية عوامل فريدة تسهم في اتساع الفجوة، مما يتطلب تصميم تدخلات صحية تراعي الخصوصيات المحلية. لتحقيق هذا الهدف، ينادي فريق البحث بزيادة الجهود لفهم الأنماط السائدة للأمراض وتحديد العوامل الديموغرافية والاقتصادية التي تؤثر على الفجوة بين العمر الافتراضي والعمر الصحي.

نحو حياة أطول... وأكثر صحة

قد يبدو العيش لفترة أطول إنجازًا عظيمًا، ولكن ما قيمة هذه السنوات إذا كانت مصحوبة بمعاناة صحية؟ تقدم دراسة مايو كلينك دليلًا واضحًا على الحاجة إلى إعادة صياغة الأولويات الصحية العالمية، مشددة على أهمية الاستثمار في الرعاية الصحية الوقائية وتعزيز أنماط الحياة الصحية.

ختامًا، تعتبر الفجوة بين العمر الافتراضي والعمر الصحي تذكيرًا بأن الرعاية الصحية لا تقتصر على إطالة الأعمار، بل يجب أن تسعى لتحسين جودة الحياة. مع استمرار تقدم البشرية في مجال العلوم الطبية، يبقى التحدي الأكبر هو سد هذه الفجوة لضمان أن السنوات التي نعيشها تكون مليئة بالصحة والنشاط.


وتبقى ليلة الحلقة 96