-

تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على المراهقين

(اخر تعديل 2024-11-08 10:11:32 )
بواسطة

منذ أن بدأت وسائل التواصل الاجتماعي في الانتشار، أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياة المراهقين، حيث تحولت إلى عالمهم الافتراضي الذي يجدون فيه الترفيه والتواصل، وأحيانًا التوجيه. ولكن ما هو تأثير هذه المنصات على صحتهم النفسية وسلامتهم العامة؟ وكيف يمكن للأهل أن يساهموا في حماية أبنائهم من الآثار السلبية الناتجة عنها؟

من شاشة التلفاز إلى شاشات الهواتف

في الثمانينيات والتسعينيات، كانت قنوات مثل "MTV" تسرق الأضواء من خلال مقاطع الفيديو الموسيقية وبرامج الواقع، التي كانت تمثل نافذة للشباب على العالم الخارجي، وتغذي آمالهم وتطلعاتهم. ومع ظهور الهواتف الذكية، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي اليوم تمثل ما كانت تمثله تلك القنوات للأجيال السابقة، إلا أن الفارق الجوهري هو أن عالم الإنترنت ليس له حدود، بل يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم.

يجد الأهل أنفسهم اليوم في مواجهة عالم غامض وغير معروف بالنسبة لهم، حيث يصبح من الصعب متابعة أحدث المنصات التي يستخدمها أبناؤهم أو فهم التفاعلات التي تحدث داخلها. لكن يمكن للأهل اتخاذ خطوات فعالة للحد من التأثيرات السلبية من خلال بناء وعي حول أهمية إدارة الوقت وأسس الأمان الإلكتروني.

تكوين مساحة آمنة على الإنترنت.. خطوات عملية للأهل

تشير الأبحاث إلى أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي يؤثر سلبًا على الصحة النفسية للمراهقين، مما قد يؤدي إلى تدني احترام الذات وزيادة معدلات الاكتئاب. لذلك، يصبح دور الأهل محوريًا في دعم أبنائهم لتحقيق توازن بين العالم الافتراضي والواقع. إليك بعض النصائح المفيدة:

1. تحديد وقت الاستخدام

يمكن أن يساعد تقليل الوقت الذي يقضيه المراهقون على وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز قدرتهم على التعامل مع تحديات الحياة الواقعية. يمكن للأهل تنظيم أنشطة ترفيهية بديلة، خاصة تلك التي تتطلب تفاعلاً حقيقياً ومشاركة فعلية.
رحلة العمر الحلقة 19

2. تشجيع سياسات المدرسة

تلعب المدرسة دورًا هامًا في تنظيم استخدام الهواتف خلال اليوم الدراسي. العديد من المؤسسات التعليمية بدأت بمنع استخدام الهواتف خلال ساعات الدراسة، لذا يجب على الأهل دعم هذه السياسات والتأكيد على أهمية التركيز في الأنشطة المدرسية بعيدًا عن شاشات الهواتف.

3. إعداد الحسابات الاجتماعية بإعدادات خصوصية

يجب تشجيع الأبناء على ضبط حساباتهم على "خاص" للحد من تعرضهم لمتابعة الغرباء، وتفاعلهم مع أشخاص غير معروفين.

4. الصداقة على المنصات الاجتماعية

يمكن أن يكون تواصل الأهل مع أبنائهم على نفس المنصات وسيلة فعالة للرقابة، مع العلم أن بعض المراهقين قد يمتلكون أكثر من حساب للتفاعل بطرق مختلفة مع فئات معينة.

5. استخدام الرقابة الأبوية

يوفر العديد من مقدمي خدمات الإنترنت والتطبيقات إعدادات للرقابة الأبوية، مما يساعد الأهل في مراقبة استخدام أبنائهم للإنترنت. يمكن للأهل الاستفادة من هذه الخيارات لضمان متابعة نشاط الأبناء عن بُعد دون الحاجة إلى التدخل المباشر.

6. التوعية المستمرة والتحدث الدائم

التواصل المنتظم مع الأبناء حول مخاطر العالم الرقمي يعزز وعيهم ويوجههم. قد لا يكونون متجاوبين في البداية، لكن الحوار الصادق والمستمر يساعدهم على إدراك مخاوف الأهل وحبهم لهم. يمكن أيضًا التحدث عن الجوانب الإيجابية لوسائل التواصل مثل مقاطع الفيديو التعليمية والتفاعلات الإيجابية.

7. التأكيد على ترك "بصمة رقمية" نظيفة

من المهم إشراك الأبناء في حديث مفتوح حول مسؤولية النشر والمشاركة على الإنترنت، حيث يبقى كل منشور جزءًا من "بصمتهم الرقمية"، والتي قد تؤثر على سمعتهم مستقبلاً.

توجيهات حول التنمر الإلكتروني

يجب توضيح أن التنمر الإلكتروني ليس مجرد مشكلة بسيطة، بل له تبعات قانونية؛ إذ يمكن أن يُعد نشر محتوى مسيء أو مقاطع غير لائقة جريمة في بعض الأحيان. لذا ينبغي على الأهل توعية أبنائهم بعدم مشاركة المحتوى الضار، وحثهم على الإبلاغ في حالة تعرضهم أو تعرض أصدقائهم للتنمر.

التحذير من خداع المثالية على الإنترنت

يجب أن يدرك الأبناء أن العالم الرقمي مليء بالصور والفيديوهات التي قد لا تعكس الواقع، حيث إن الكثير مما يرونه على وسائل التواصل الاجتماعي قد يكون معدلاً أو مبالغًا فيه. لذا ينبغي عليهم عدم مقارنة حياتهم بما يرونه في هذا العالم الافتراضي. ويتعين على الآباء تكرار هذا الحديث على مسامعهم عندما يشعرون أن أطفالهم يشعرون بعدم الثقة في أنفسهم.

في الختام، تظل وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياة المراهقين يصعب تجاهله. لذلك، من المهم للأهل إيجاد توازن بين توجيه أبنائهم ومنحهم الحرية. من خلال المراقبة الذكية والتواصل المستمر، يمكن للأهل المساهمة في تقليل التأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي، مما يجعلها مكانًا آمنًا يجمع بين الترفيه والتعلم.