-

أهمية الساعات الذكية في الكشف المبكر عن الأمراض

(اخر تعديل 2025-03-27 07:11:43 )
بواسطة

يعتبر الكشف المبكر عن الأمراض المعدية مثل كوفيد-19 والإنفلونزا من العوامل الأساسية التي تسهم في تقليل انتشار هذه الأمراض وحماية الأرواح. لكن التحدي الأكبر يكمن في أن العدوى غالبًا ما تصل إلى ذروتها قبل أن يدرك الشخص أنه مصاب، مما يجعل الأمر أكثر تعقيدًا.

تشير الأبحاث إلى أن حوالي 44% من حالات انتقال عدوى كوفيد-19 حدثت قبل ظهور أي أعراض على المصابين، مما يجعل من الصعب احتواء المرض في مراحل مبكرة. فكيف يمكننا مواجهة هذا التحدي وكسر سلسلة العدوى قبل أن يفوت الأوان؟

الساعات الذكية كأداة للكشف المبكر

في دراسة حديثة، قام باحثون من جامعات "آلتو" و"ستانفورد" و"تكساس إيه آند إم" بتطوير نموذج يوضح كيف يمكن للساعات الذكية أن تساهم في الحد من انتشار الأمراض، خاصة بين الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أي أعراض.

وقد تم نشر هذه الدراسة مؤخرًا في مجلة "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم/ نيكسس" الأميركية، حيث يسلط الباحثون الضوء على الأداة الجديدة التي تتمتع بفاعلية كبيرة في إدارة الجوائح والحد من تفشي العدوى.

كورونا وتأثيرها

في تصريح خاص لجريدة "النهار"، وضح الباحث مارت فيسينورم من جامعة آلتو في فنلندا أن الدافع الأساسي لفريقه البحثي هو الاستفادة من الساعات الذكية في مواجهة الأوبئة، وذلك نتيجة التأثير الكبير الذي تركته جائحة كوفيد-19 حول العالم.

يقول فيسينورم: "إذا تمكنا من اكتشاف العدوى الفيروسية في مراحلها المبكرة، سنستطيع تغيير مسار الجائحة، التخفيف من الضغط على المستشفيات، وإنقاذ حياة العديد من الأشخاص". ومع تزايد استخدام الأجهزة الذكية القابلة للارتداء، مثل الساعات الذكية، وقدرتها على رصد العلامات المبكرة للأمراض، كان من المنطقي استكشاف كيفية مساهمة هذه التقنية في الحد من تأثير الأوبئة.

كما يضيف فيسينورم: "على عكس ما حدث خلال جائحة كورونا، أصبح لدينا الآن فهم أوضح لكيفية انتشار الأوبئة ومدى فعالية التدابير المختلفة في الحد منها. كما أن تطور تقنيات الأجهزة القابلة للارتداء، مثل الساعات الذكية، جعلها أكثر دقة في رصد العلامات المبكرة جداً للعدوى. وهذا يعني أننا الآن أكثر استعدادًا لمواجهة التحديات الصحية في المستقبل".

عادةً ما يلعب الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض الإصابة بفيروس تنفسي دورًا كبيرًا في نشر العدوى دون علمهم. وقد اكتسب هذا الأمر أهمية خاصة في حالة كوفيد-19 نظرًا لفترة الحضانة الطويلة التي تسمح بانتقال العدوى قبل ظهور الأعراض. وفقًا لفيسينورم، يمكن أن تساعد الساعات الذكية، من خلال البيانات المستمرة التي تجمعها، في منع تكرار هذا الأمر مستقبلاً، حيث يمكن أن تكون الساعات الذكية بمثابة ناقوس خطر للإصابة للتحذير من الأمراض.

دور الساعات الذكية في المستقبل

يعتبر فريق الباحثين أول من قام بجمع بيانات واقعية من دراسات وبائية وبيولوجية وسلوكية موثوقة، واستخدمها في نموذج رياضي لتوضيح كيفية انتشار العدوى بين الناس. ويتوقع فيسينورم أن يغير هذا الدمج بين البيانات والتكنولوجيا دور الساعات الذكية في التعامل مع الأوبئة، سواء على مستوى الأفراد أو في السياسات العامة.

يتساءل الكثيرون عن كيفية مساهمة الساعات الذكية في الكشف المبكر عن العدوى الفيروسية، ويجيب فيسينورم موضحًا أن "هذه الساعات تراقب بدقة مؤشرات حيوية متعددة في الجسم، مثل نبض القلب، وتقلباته، ومعدل التنفس، وحرارة الجلد، ومستوى أكسجين الدم. وبفضل المراقبة المستمرة، يتم تحديد المعدل الطبيعي لكل مستخدم، مما يجعل أي تغييرات مفاجئة أو مستمرة عن هذا المعدل مؤشراً محتملاً لاستجابة مناعية للعدوى".

والجدير بالذكر أن الجسم يبدأ في مقاومة العدوى حتى قبل ظهور الأعراض المعروفة، مثل الحمى والسعال والتعب. فعلى سبيل المثال، قد يتباطأ نبض القلب مع بدء الجهاز المناعي بمحاربة العدوى، وقد ترتفع حرارة الجلد أو نبض القلب أثناء الراحة قبل أيام من شعور الشخص بالمرض. وبالتالي، تلتقط الساعات الذكية هذه الإشارات وتنبه المستخدمين إلى الخطر.

التوجه نحو المستقبل

من المتوقع أن تلعب الساعات الذكية دورًا مهمًا في مكافحة الأوبئة مستقبلاً. ويعتقد أنها ستصبح جزءًا أساسيًا من أنظمة الإنذار المبكر، مما يساعد الناس على مراقبة صحتهم بأنفسهم، ويسهل على الجهات الصحية الاستجابة السريعة والفعالة. لكن يجب أيضًا التركيز على الجوانب الأخلاقية وضمان حماية خصوصية المستخدمين بشكل كامل.

يقول فيسينورم: "أعتقد أن الساعات الذكية تعد أداة مساعدة قيمة. يمكنها أن تنبه المستخدمين إلى ضرورة إجراء فحوص طبية، مثل اختبارات PCR أو الفحوص السريرية. ورغم أن هذه الأجهزة توفر مراقبة مستمرة وسهلة، إلا أن الفحوص الطبية التقليدية تبقى ضرورية لتأكيد أي تشخيص". ومع التطور المستمر للتكنولوجيا، يتوقع أن تقترب دقة هذه الساعات من دقة الفحوص الطبية التقليدية.

وللاستفادة القصوى من هذه التكنولوجيا، يشير إلى ضرورة تعزيز وعي واضعي السياسات بأهمية هذه التقنية، ودمجها في خطط الاستعداد للأوبئة، لتصبح جزءًا أساسيًا من أدوات إدارة الصحة العامة المستقبلية.
المشردون الحلقة 18