أهمية شعور الطفل بأنه مرئي في الأسرة
يعتقد البعض أن حب الوالدين لأطفالهم يكفي لضمان تنشئتهم بشكل سليم ومتوازن. لكن الحقيقة، التي قد يغفل عنها الكثيرون، هي أن الحب وحده، مهما كان عميقًا، لا يكفي إذا لم يشعر الطفل بأنه مرئي. بمعنى آخر، يجب أن يكون الطفل حاضرًا في وعي والديه، وأن يُسمع ويُفهم، ويُعترف بمشاعره وأفكاره.
على الرغم من أن الطفل قد يكون على دراية بمحبة والديه له، إلا أنه إذا لم يشعر بأن اهتمامهما يتجاوز مجرد توفير الرعاية إلى إدراكه كفرد مستقل، فقد ينشأ مع مشكلات نفسية وعاطفية تؤثر سلباً على ثقته بنفسه وعلاقاته في المستقبل.
ماذا يعني أن يكون الطفل "مرئيًا"?
كون الطفل "مرئيًا" لا يعني فقط أن يلاحظه والداه، بل يعني أن يشعر بأن وجوده وأفكاره ومشاعره لها قيمة. عندما يشعر الطفل بأنه يُسمع ويُفهم، تتشكل لديه هوية قوية وإحساس صحي بذاته، مما يجعله أكثر استقرارًا عاطفيًا. على العكس من ذلك، إذا لم يُشعر الطفل بأنه مرئي، فقد ينمو بداخله إحساس بالرفض أو الإهمال، حتى لو كان والداه يحبانَه بصدق.
الفرق بين الحب والرؤية العاطفية
الحب غالبًا ما يكون شعورًا داخليًا عند الوالدين، ولكنه لا يكون دائمًا مرئيًا أو ملموسًا بالنسبة للطفل. قد يقول الأهل "نحن نحبك"، ولكن دون أن يمنحوا الطفل مساحة حقيقية للتعبير عن نفسه أو يشعرونه بأنه مهم. بالمقابل، عندما يُشعر الطفل بأنه مرئي، فإن ذلك يعني أنه يُعامل كشخص مستقل له مشاعره الخاصة، وليس مجرد تابع لوالديه.
كيف يؤثر غياب شعور الطفل بأنه مرئي؟
إذا لم يشعر الطفل بأنه مرئي، فقد تتشكل لديه مشكلات مثل:
تدني تقدير الذات
حيث يشعر أن رأيه أو مشاعره غير مهمة.
البحث عن الاهتمام بطرق سلبية
مثل التصرف بعدوانية أو لفت الانتباه من خلال البكاء والغضب.
الخضوع أو الانطواء
فيتعلم الطفل أن مشاعره غير ذات أهمية، مما يجعله يكبتها ويصبح أكثر انعزالًا.
علاقات غير متوازنة في المستقبل
قد يصبح الطفل إما تابعًا يسعى لإرضاء الآخرين أو شخصًا متطلبًا يبحث عن الاهتمام بأي ثمن.
كيف يمكن للوالدين جعل الطفل يشعر بأنه مرئي؟
هناك طرق بسيطة ولكنها عميقة التأثير تساعد الطفل على الشعور بأنه مرئي، وليس مجرد محبوب، ومنها:
الاستماع الفعلي
التفاعل مع الطفل عندما يتحدث، وليس مجرد سماعه بشكل سطحي.
الاعتراف بمشاعره
بدلاً من التقليل من مشاعره، يمكن تأكيد مشاعره من خلال قول: "أرى أنك حزين، ماذا يمكننا أن نفعل؟".
إشراكه في القرارات
إعطاؤه حرية الاختيار في أمور تناسب عمره، مثل اختيار ملابسه أو نشاطاته.
التواصل البصري والجسدي
مثل الجلوس معه وجهًا لوجه عند الحديث، ولمسه بحنان ليشعر بالقرب العاطفي.
الاحتفاء بإنجازاته الصغيرة
حتى لو كانت بسيطة، مثل رسمه لصورة أو إكماله لمهمة ما.
رڨوج 2 الحلقة 4
حب الطفل أمر أساسي، لكنه لا يكفي إذا لم يشعر بأنه مرئي ومُقدَّر كشخص مستقل. فالطفل يحتاج إلى أكثر من مجرد الرعاية، إنه يحتاج إلى أن يُعامَل ككيان له مشاعره وأفكاره الخاصة، وأن يكون له مكان في عالم من حوله، لا أن يكون مجرد متلقٍ للحب، دون أن يشعر بأنه مسموع ومفهوم. عندما يكون الطفل مرئيًا، فإنه ينمو ليصبح شخصًا واثقًا ومتوازنًا، قادرًا على بناء علاقات صحية وعيش حياة متوازنة.