فهم اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه
على مر القرن الماضي، كان هناك جدل واسع حول تشخيص اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD). لكن على مدار الثلاثين عامًا الماضية، تطورت المعرفة حول هذا الاضطراب، مما أدى إلى توافق في الآراء حول وجوده والأعراض والعلامات التي تحدده. ومن خلال الأبحاث، زادت الفهم حول الأسباب الكيميائية العصبية والفسيولوجية لهذا الاضطراب.
ما هو اضطراب فرط النشاط؟
يُعرف اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه بأنه حالة نفسية تؤثر بشكل كبير على قدرة الأطفال على الأداء بشكل طبيعي في الحياة اليومية. يُظهر الأفراد الذين يعانون من هذا الاضطراب أنماطًا غير مناسبة من عدم الانتباه، فرط النشاط، والاندفاع.
الحديقة السرية مترجم الحلقة 7
رغم وجود تشخيصين مختلفين، إلا أن الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM IV) قد جمع هذه الحالات في تصنيف واحد يحتوي على ثلاثة أنواع فرعية: عدم الانتباه بشكل رئيسي، فرط النشاط بشكل أساسي، والنوع المشترك.
الأعراض: متى تبدأ؟
تظهر أعراض اضطراب فرط النشاط في سن مبكرة، وعادة ما تشمل قلة الانتباه، صعوبة التركيز، عدم التنظيم، نسيان المهام، وفقدان الأشياء. يجب أن تكون هذه الأعراض موجودة قبل سن 12 عامًا، وتستمر لمدة لا تقل عن ستة أشهر، مع تأثير واضح على الأنشطة اليومية.
تؤدي هذه الأعراض إلى عواقب وخيمة، مثل الصعوبات في التفاعلات الاجتماعية، زيادة السلوكيات الخطرة، وفقدان الوظائف. يعاني المصابون بالاضطراب من صعوبات في اتخاذ القرارات وتنظيم العواطف، مما قد يؤدي إلى تصنيفهم أحيانًا على أنهم "مثيرو الشغب".
تاريخ اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه
تاريخ هذا الاضطراب ليس جديدًا، فقد أُطلق عليه أسماء مختلفة عبر الزمن. تم تصنيفه كـ "خلل دماغي بسيط" في ثلاثينيات القرن العشرين، ثم تغير اسمه لاحقًا إلى اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه. شهد هذا الاضطراب زيادة في انتشاره مع الوقت، خاصةً خلال الخمسينيات عندما أصبحت المدارس أكثر توحيدًا للأطفال.
الفسيولوجيا المرضية
يرتبط اضطراب فرط النشاط بنقص في الأداء المعرفي والوظيفي نتيجة لتشوهات في الدماغ. أظهرت الدراسات أن التلفيف الحزامي الأمامي والقشرة الجبهية الأمامية الظهرانية تكون أصغر حجمًا لدى الأفراد المصابين بالاضطراب. يُعتقد أن هذه التغيرات هي المسؤولة عن العجز في السلوك الموجه نحو الهدف.
علاوة على ذلك، لوحظ انخفاض النشاط في المنطقة الجبهية المخططية لدى هؤلاء الأفراد، كما تم قياسه باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي. من المهم التأكيد على أن اضطراب فرط النشاط هو تشخيص سريري، ولا توجد نتائج مختبرية أو تصويرية قياسية تُظهر وجوده.
تشخيص اضطراب فرط النشاط
لتشخيص اضطراب فرط النشاط، من الضروري أخذ تاريخ شامل للفرد المعني. يتم تشخيص الأطفال بناءً على وجود ستة أعراض على الأقل من الأعراض التسعة المذكورة في الدليل التشخيصي.
تشمل أعراض عدم الانتباه: الصعوبة في التركيز، تفويت التفاصيل، والتسرع في الأداء. بينما تشمل أعراض فرط النشاط: التململ، صعوبة البقاء في المقعد، والتحدث بصورة مفرطة. يجب أن تظهر هذه الأعراض في مواقف متعددة.
قياس اضطراب فرط النشاط
تُستخدم مقاييس متعددة لقياس المشكلات التي يعاني منها الأفراد المصابون باضطراب فرط النشاط. أحد الأمثلة هو مقياس براون لاضطراب نقص الانتباه، الذي يُستخدم لتحديد الاضطراب لدى البالغين. للأطفال، يُعتبر مقياس فاندربيلت الخيار الشائع، حيث يتضمن تقييم من المعلمين والوالدين.
بينما لا يكون الفحص البدني مفيدًا في التشخيص، إلا أنه يمكن أن يُستخدم لاستبعاد أسباب طبية أخرى مثل مشاكل الغدة الدرقية.
العلاج وإدارة اضطراب فرط النشاط
يظل العلاج الدوائي هو الأساس في علاج المرضى الذين يعانون من اضطراب فرط النشاط. يتم تقسيم الأدوية إلى فئتين رئيسيتين: المنشطات وغير المنشطات. تُستخدم المنشطات مثل الأمفيتامينات والميثيلفينيديت، وتعمل على منع إعادة امتصاص الدوبامين.
تُظهر الدراسات أن العلاج الدوائي فعال لنحو 70% من المرضى. بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر العلاج النفسي الاجتماعي شكلًا آخر من العلاج، والذي يتضمن تثقيف الأسرة والمريض وتدريب سلوكي معرفي مصمم خصيصًا لتحقيق أهداف قصيرة وطويلة الأجل.
أثبتت برامج التدريب فعاليتها عند دمجها مع العلاج الدوائي. ومع ذلك، على عكس الاضطرابات النفسية الأخرى، تشير الأدلة إلى أن إدارة الأدوية دون العلاج النفسي قد تكون الأكثر فعالية، ولم يُثبت أن النظام الغذائي يُحسن من الأعراض.