-

فهم مشاعر الطفل: لماذا يقول "لا أحبك"؟

(اخر تعديل 2025-08-27 09:11:31 )
بواسطة

عندما يسمع الآباء عبارة "لا أحبك!" من طفلهم، فإن وقعها يكون أشبه بجرح عميق في القلب. خاصة إذا كانت هذه الكلمات قد صدرت من طفل لم يتجاوز سنه العشر سنوات. في لحظات الغضب أو الرفض، قد يطلق الطفل هذه العبارة دون تردد، مما يترك الأهل في حالة من الدهشة والقلق. ولكن، هل يدرك الطفل حقًا ما يقوله؟ ولماذا يستخدم هذه الكلمات تحديدًا؟ وكيف يمكن للآباء أن يتعاملوا مع مثل هذه المواقف دون أن يفقدوا توازنهم العاطفي أو علاقتهم مع أطفالهم؟

لماذا يقول الطفل "لا أحبك"؟

غالبًا ما تأتي عبارة "لا أحبك" كنتيجة لمشاعر مكبوتة مثل الإحباط والغضب، أو ربما بسبب عدم فهم الطفل لموقف معين. قد يستخدم الطفل هذه الكلمات عندما يُمنع من شيء يرغب فيه بشدة، أو عندما يُطلب منه القيام بمهمة لا يحبها، مثل إنهاء الواجبات المدرسية أو الاستعداد للنوم. في تلك اللحظات، يشعر الطفل بأن مشاعره تتجاوز قدرته على التعبير، لذا يلجأ إلى استخدام عبارة جارحة، تعكس رفضه أو استيائه.

ماذا تعني العبارة من منظور نفسي؟

في علم نفس الطفل، تُعتبر هذه الكلمات تعبيرًا عن المشاعر وليس تعبيرًا حقيقيًا عن الكراهية أو انعدام الحب. فالطفل لم يتعلم بعد أن المشاعر متغيرة، وأنه يمكن أن يشعر بالغضب من أحد والديه دون أن يتوقف عن حبه له. هو في تلك اللحظة، يشعر أن الغضب يسيطر عليه، لذا يلخص مشاعره في عبارة مبالغ فيها.

كيف يتعامل الأهل مع هذه الجملة؟

  • لا تأخذها على محمل شخصي: من الطبيعي أن تجرح هذه العبارة مشاعر الأهل، لكن من المهم تذكر أن الطفل لم يقصدها بالمعنى العميق.
  • ابقَ هادئًا: عند سماع كلمات جارحة، قد يكون رد الفعل الطبيعي هو الغضب أو حتى عقاب الطفل. لكن من الأفضل الحفاظ على الهدوء وإدراك أن الطفل يتحدث تحت تأثير مشاعر عابرة.
  • ساعده على تسمية مشاعره: بدلاً من الرد بغضب، يمكن للوالد أن يقول: "أفهم أنك غاضب لأنني لم أسمح لك بلعب المزيد.. هل هذا ما تشعر به؟"

هذا النوع من الحوار يمنح الطفل مفردات بديلة للتعبير عن مشاعره، ويعطيه دروسًا في كيفية قبول مشاعره، مع توضيح أن هناك طرقًا أفضل للتعبير عنها.

متى يصبح الأمر مقلقًا؟

إذا تكررت هذه العبارات بشكل يومي أو كانت تفتقر لأي انفعال، فقد تكون مؤشرًا على وجود مشكلات أعمق، مثل اضطرابات في العلاقة الأسرية أو إحساس بالهجر أو عدم الفهم. في هذه الحالات، من المفيد استشارة مختص نفسي لمراجعة نمط التواصل في المنزل وفهم مشاعر الطفل بشكل أعمق.
شراب التوت الحلقة 103

ماذا يحتاج الطفل فعلًا؟

خلف عبارة "لا أحبك"، غالبًا ما يختبئ طلب غير منطوق: "أرجوك افهمني، امنحني فرصة لأعبّر عما بداخلي." الطفل لا يبحث عن عقاب، بل عن احتواء، وعن شخص يستطيع فهم ما وراء الكلمات. لذلك، يجب أن يتذكر الأهل أن طفلهم لا يكرههم، بل هو يتعلم كيفية التعامل مع عالمه الداخلي. وما يبدو قاسيًا في لحظة، قد يكون فرصة تعليمية مهمة لتعليم الطفل دروسًا حول الحب اللامشروط وكيفية التعبير عن مشاعره بطريقة صحية وآمنة.

في النهاية، الحب الحقيقي لا يُقاس بما يُقال، بل بما نختار أن نسمعه وراء الكلمات.