فهم شخصية الطفل الكتوم وطرق التعامل معه
تختلف شخصيات الأطفال بشكل كبير، فلا يمكن تطبيق نفس المبادئ والأساليب التربوية على جميع الأطفال بنفس الطريقة. فكل طفل يتمتع بآلية استجابة خاصة تتناسب مع شخصيته الفريدة. فبينما نجد بعض الأطفال اجتماعيين ومحبين للتواصل والأحضان، نجد آخرين يميلون إلى كتم مشاعرهم وعدم مشاركتها مع الآخرين.
إذا كان لديك طفل كتوم، فمن المحتمل أنك وجدت نفسك تبحثين عن الأسباب وراء انزعاجه أو ما يثير قلقه. قد تشعرين أحيانًا بالإحباط عندما تحاولين الاقتراب منه أو فهم مشاعره، فقط لتواجهي إجابة بسيطة مثل "أنا بخير". في هذا المقال، نستعرض الأسباب التي تجعل بعض الأطفال كتومين، ونتناول الطرق الفعالة للتعامل معهم.
لماذا يُخفي الطفل الأسرار؟
يعتقد الكثيرون أن الطفولة هي فترة من البراءة والوضوح، لكن قد يفاجأ البعض عندما يرون أن طفلهم يتصرف بسرية أو يخفي بعض الأمور. يتساءل الأهل أحيانًا: لماذا يتجنب الحديث معي؟ ولماذا أشعر وكأنه يخفي شيئًا عني؟ قبل التفكير في البحث في أغراضه أو قراءة مذكراته، من الأفضل فهم الأسباب وراء هذه السرية.
لماذا يلجأ الأطفال إلى السرية؟
يمكن أن تكون السرية إيجابية في بعض الأحيان، حيث تمنح الطفل مساحة لاستكشاف مشاعره وأفكاره دون ضغط أو شعور بالقلق. لكنها قد تصبح سلبية إذا كان الطفل يخفي أمورًا مؤذية أو يشعر بالخجل من كشفها. بعض الأسرار قد تكون بسيطة، مثل إعجابهم بشخص ما، لكن في بعض الحالات، تشير السرية إلى مشكلات أعمق تحتاج إلى الانتباه.
إشارات تستدعي الانتباه
إذا لاحظت تغيرات غير عادية في سلوك طفلك، فقد يكون ذلك مؤشرًا على قلقه. إليك بعض العلامات التي تستحق المراقبة:
- تغيرات في الشخصية أو السلوك اليومي.
- الميل للعزلة والانسحاب من الأنشطة المعتادة.
- تدهور الحالة المزاجية أو ظهور أعراض القلق والاكتئاب.
- تجنب النظر في العين أثناء الحديث أو محاولة تغيير الموضوع.
- عدم الرغبة في مشاركة تفاصيل يومه وأفكاره.
كيف تتعاملين مع طفلك الكتوم؟
إذا كان لديك طفل كتوم وتعتقدين أن السبب قد يكون مشكلات مؤقتة، إليك بعض الطرق للتعامل معه:
1. راجعي أسلوبك التربوي
تقول مقولة شهيرة: "الآباء الصارمون يربّون أطفالًا بارعين في الكذب". إذا كنت تتبعين نهجًا صارمًا، فقد يدفع ذلك طفلك إلى إخفاء الأمور عنك خوفًا من العقاب. من الأفضل أن تخلقي له بيئة آمنة يشعر فيها بأنه يستطيع التحدث معك دون خوف.
2. ضعي نفسك مكانه
كلنا كنا أطفالًا ونعرف كيف يكون من الصعب أحيانًا مشاركة كل شيء. لا تتعاملي مع أسرار طفلك وكأنها خيانة، بل حاولي فهم دوافعه. السرية قد تكون فقط وسيلة لبناء الاستقلالية وتعزيز الهوية.
3. كوني أكثر انفتاحًا وشفافية
إذا كنتِ تتجنبين مشاركة المعلومات مع طفلك، فلا تنتظري منه أن يفعل العكس. كوني قدوة له في الانفتاح والثقة، لكن دون الإفراط في مشاركة أمور قد لا تكون مناسبة لسنه.
4. تجنبي الحكم السريع
عندما يثق بك طفلك ويقرر البوح بأمر مهم، لا تقابليه بالغضب أو اللوم. إذا شعر أنه سيتعرض للعقاب على صدقه، فسيفضل إخفاء الأمور في المستقبل. استمعي إليه بصدر رحب، وحاولي مساعدته في إيجاد الحلول.
5. وفري بيئة داعمة
خلق بيئة يشعر فيها الطفل بالأمان النفسي هو المفتاح لبناء علاقة قائمة على الثقة. شجّعيه على الحديث من خلال التفاعل معه يوميًا وإظهار اهتمامك بحياته، دون أن تبدي متطفلة.
متى يجب التدخل؟
في بعض الحالات، قد يكون التدخل ضروريًا، خاصة إذا كانت سرية طفلك مرتبطة بسلوكيات خطيرة، مثل تعاطي المواد الضارة أو التعرض للتنمر. في هذه الحالات، يجب أن تتحدثي معه بأسلوب داعم وتطمئنيه بأن هدفك هو مساعدته وليس معاقبته.
أنا أم 2 الحلقة 216
في النهاية، قد يحتاج طفلك لبعض الوقت حتى يشعر بالراحة لمشاركة تفاصيل حياته معك. لكن بناء علاقة قائمة على الثقة والاحترام المتبادل سيسهل الأمور. كوني دائمًا موجودة لدعمه دون إصدار الأحكام، وستلاحظين أن الأبواب التي أغلقت أمامك قد تبدأ في الانفتاح تدريجيًا.