لماذا ننجذب للعلاقات المؤذية؟
لماذا ننجذب للعلاقات المؤذية؟
قد يبدو الأمر غريبًا، كيف يمكن لبعض الأشخاص أن يجدوا أنفسهم مرارًا وتكرارًا في علاقات تؤذيهم عاطفيًا أو نفسيًا؟ وعلى الرغم من أن هذا السلوك قد يبدو غير منطقي، إلا أنه يظل شائعًا بشكل مدهش. العديد من الأفراد يجدون أنفسهم عالقين في دوامة من التعلق بأشخاص يعاملونهم ببرود أو يتسببون لهم في الألم، ورغم إدراكهم للأذى، إلا أنهم يجدون صعوبة في الانفصال عن هؤلاء الأشخاص.
فهل هذه الظاهرة تعود إلى طبيعة الحب نفسه، أم أن هناك عوامل نفسية أعمق تجعلنا نكون أسرى لتلك العلاقات؟
الإدمان العاطفي: عندما يصبح الحب حاجة ملحة
يُعتبر الإدمان العاطفي أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل بعض الأشخاص يجدون صعوبة في الابتعاد عن علاقات مؤذية. فكما يدمن البعض على النيكوتين أو الكافيين، هناك من يدمن على الشعور العاطفي القوي الذي ينجم عن التعلق بشخص معين، حتى وإن كان هذا الشخص يسبب لهم الألم.
تشير الأبحاث النفسية إلى أن المشاعر القوية التي يختبرها الإنسان في العلاقات السامة تعمل على تحفيز نظام المكافأة في الدماغ، مما يجعل الشخص يعود مرة أخرى لتلك العلاقة على الرغم من معرفته بأضرارها.
دور الطفولة في تشكيل أنماط التعلق
يعتقد علماء النفس أن جذور التعلق بالأشخاص المؤذيين قد تمتد إلى تجارب الطفولة المبكرة. الأشخاص الذين نشأوا في بيئات أسرية غير مستقرة أو تعرضوا للإهمال العاطفي، غالبًا ما يميلون إلى البحث عن الحب في أماكن خاطئة، ويجدون في العلاقات المضطربة شيئًا مألوفًا. بمعنى آخر، قد يرتبط الألم العاطفي لديهم بمفهوم الحب والاهتمام، لأن هذا هو النموذج الذي اعتادوا عليه منذ طفولتهم.
متلازمة الضحية والمنقذ
في بعض الأحيان، ينجذب الأشخاص الذين يلعبون دور "المنقذ" إلى شركاء يعانون من مشاكل نفسية أو عاطفية، معتقدين أنهم قادرون على تغييرهم أو شفائهم. هذا النمط السلوكي يُعرف بمتلازمة المنقذ، حيث يشعر الشخص بالمسؤولية تجاه الطرف الآخر، مما يدفعه للبقاء في العلاقة رغم الأذى.
محمد الفاتح مترجم الحلقة 26
وعلى الناحية الأخرى، هناك من يعاني من متلازمة الضحية، حيث يجد في الألم العاطفي نوعًا من الإثبات لوجوده أو استحقاقه للحب.
كيف يمكن التحرر من العلاقات المؤذية؟
الخطوة الأولى للتحرر من حب الأشخاص الذين يؤذوننا هي الوعي. من الضروري إدراك أن التعلق بالألم ليس حبًا حقيقيًا، بل هو نمط مكتسب يمكن تغييره. يعتبر بناء تقدير الذات خطوة جوهرية في كسر هذه الحلقة، فكلما زاد احترام الشخص لنفسه، قل استعداده للبقاء في علاقات تستنزفه.
علاوة على ذلك، يمكن أن يسهم العلاج النفسي أو الدعم العاطفي من الأصدقاء والعائلة في فهم الأسباب العميقة وراء التعلق العاطفي غير الصحي، والعمل على استبداله بأنماط أكثر صحة وسعادة.