تقنية الـ90 دقيقة لتعزيز الإنتاجية

العصر الحديث: تحديات التركيز والإنتاجية
في زمننا الحالي، أصبح التركيز عملة نادرة لا غنى عنها. فمع تزايد المهام اليومية وكثرة التنبيهات، بات من الصعب على الكثيرين الحفاظ على مستوى عالٍ من التركيز. إن التشتت الذهني لم يعد مجرد ظاهرة عابرة، بل أصبح تحديًا يواجهه الجميع، حتى أولئك الذين يتمتعون بأعلى درجات الانضباط.
بينما يتعامل البعض مع التشتت كجزء طبيعي من الحياة، هناك فئة من رواد الأعمال والكتّاب والرياضيين المحترفين الذين اتخذوا من ذلك عقبة يجب تجاوزها. لقد أدركوا أهمية استخدام أدوات مدروسة لتحقيق النجاح.
من بين هذه الأدوات، تبرز تقنية الـ90 دقيقة، التي أصبحت حديث كل من يسعى للإنجاز الفعلي دون استنزاف الطاقة الذهنية. فما هي هذه التقنية التي تعتمد على فترة زمنية قصيرة وتحقق نتائج مبهرة؟ ولماذا اختارها قادة شركات كبرى مثل أبل وجوجل؟ وما الذي يمكن أن تحققه في روتينك اليومي؟
في هذا المقال، نستعرض تفاصيل حول هذه الاستراتيجية، وكيف يمكن لفترة قصيرة من التركيز النقي أن تغير مجرى نتائجك اليومية.
ما هي تقنية الـ90 دقيقة؟

تعتمد تقنية الـ90 دقيقة على مبدأ علمي بسيط مدعوم بأبحاث في علم الأعصاب، حيث يظهر أن العقل البشري يعمل بأفضل كفاءة خلال فترات التركيز التي لا تتجاوز 90 دقيقة. يتبع ذلك فترة راحة لاستعادة النشاط الذهني. تستند هذه النظرية إلى مفهوم يُعرف بـ"الدورة فوق اليومية" (Ultradian Rhythm)، وهي نمط بيولوجي طبيعي يمر به الجسم كل ساعة ونصف تقريبًا.
بدلاً من العمل لفترات طويلة دون انقطاع، يتم تقسيم اليوم إلى فترات تركيز مدتها 90 دقيقة تُخصص لمهام معينة دون انقطاع، تليها استراحة قصيرة تتراوح بين 15 إلى 30 دقيقة.
لماذا اختيار 90 دقيقة بالتحديد؟
يرجع ذلك إلى أن هذه الفترة هي الوقت الذي يستطيع فيه الدماغ الحفاظ على أعلى مستويات التركيز والإنتاج قبل أن يبدأ في الانخفاض. بعد انتهاء هذه الدورة، يدخل العقل في مرحلة "انخفاض الأداء"، مما يجعل الاستمرار في العمل دون راحة مضيعة للجهد والطاقة.
تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يلتزمون بهذه الدورات القصيرة يحققون نتائج أفضل بنسبة تفوق 30٪ مقارنة بمن يعملون بشكل متواصل. السر لا يكمن في عدد الساعات، بل في جودة التركيز خلال تلك الساعات.
كيف يمكنك تطبيق التقنية في حياتك اليومية؟
إليك بعض الاستراتيجيات لتطبيق تقنية الـ90 دقيقة بنجاح:
حدد المهام الأهم في بداية اليوم
يُنصح بوضع المهام التي تتطلب تفكيرًا عميقًا ضمن أول "جلسة 90 دقيقة"، حيث يكون الدماغ في أفضل حالاته.
ليلى مدبلج الحلقة 136
أغلق مصادر التشتت
خلال هذه الفترة، يُمنع تمامًا تفقد الهاتف أو البريد الإلكتروني أو أي تنبيهات قد تشتت انتباهك.
اضبط مؤقتًا لمدة 90 دقيقة
يمكنك استخدام مؤقت بسيط أو تطبيقات إدارة الوقت لمساعدتك في الالتزام بهذه الفترة.
استرح بعد انتهاء الوقت
تناول وجبة خفيفة، مارس بعض التمارين الخفيفة، أو حتى أغمض عينيك قليلاً. لكن، تأكد من عدم مواصلة العمل فورًا.
كرر هذه الدورة مرتين أو ثلاثًا خلال اليوم، بحسب طبيعة عملك.
لماذا تنجح تقنية الـ90 دقيقة؟
تنجح هذه التقنية ببساطة لأنها تتوافق مع الطبيعة البيولوجية للعقل البشري، وتستثمر أفضل لحظات التركيز بدلاً من مقاومة الإرهاق والتشتت. كما أنها تشجع على العمل "العميق" بعيدًا عن المشتتات، مما يجعل النتائج أكثر دقة وكفاءة.
يمكن للجميع استخدام هذه التقنية، ولكن قد تحتاج الأمهات أو من يعملون من المنزل إلى تخصيص فترات الـ90 دقيقة حسب أوقات فراغهم. بينما قد يحتاج من يعمل في مكاتب مشتركة إلى التنسيق مع الفريق لتقليل المقاطعات.
إن تقنية الـ90 دقيقة ليست مجرد أداة لزيادة الإنتاجية، بل هي أسلوب حياة متوازن. هي دعوة للعودة إلى العمل المركّز، بعيدًا عن الضغط المستمر والتشتت. مع الوقت، لن تكتفي بملاحظة التحسن في جودة إنجازك فقط، بل ستشعر أيضًا بوضوح أكبر وهدوء داخلي، وقدرة حقيقية على التقدم دون استنزاف.