أحمد فؤاد نجم: شاعر الثورة والحرية
في عالم الأدب والشعر، يبرز عدد قليل من الكتاب الذين يكتبون بعمق مشاعرهم، ليصبحوا بمثابة صوتٍ يعبر عن آلام وآمال الناس. ومن بين هؤلاء، يأتي أحمد فؤاد نجم، المعروف بلقب "الفاجومي"، كأحد أبرز الشعراء الذين استطاعوا أن ينقلوا معاناة المجتمع من خلال كلماتهم. لقد خرج نجم من ظلمة الزنازين، حاملاً كلماته كسلاح يواجه به الصمت والقهر، حول قصائده إلى أغانٍ لا تعرف الانطفاء، لتصبح نشيدًا للمظلومين والمقهورين.
تحل اليوم الثلاثاء، الثالث من ديسمبر، الذكرى الحادية عشرة لرحيل أحد أعظم أعلام شعر العامية المصرية، الشاعر أحمد فؤاد نجم. لم يكن نجم مجرد شاعر، بل كان رمزًا للثورة والكفاح، حيث شكلت أعماله منبرًا يعبر عن قضايا الفقراء والمهمشين. رغم القيود التي فرضت عليه، استمر صوته يعبر عن آلام الشعب وطموحاته.
"صور من الحياة والسجن": ولادة الشعر خلف القضبان
يُعتبر ديوان "صور من الحياة والسجن" أحد أبرز أعمال نجم، الذي كتب بين جدران الزنزانة. في مذكراته "الفاجومي"، يروي نجم لحظة استثنائية عندما علم بفوز ديوانه بجائزة مشروع الكتاب الأول. ويقول: "نادي العسكري: انتباه! وإذا باللواء إبراهيم عزت يهنئني بالجائزة"، وكانت تلك اللحظة بمثابة بداية جديدة في مسيرته الأدبية.
السجن: نقطة البداية لشاعر الشعب
بدأت مسيرة نجم الأدبية في السجن، حيث تم اعتقاله بتهمة التزوير. لكن تلك الزنزانة كانت بمثابة مهد لإبداعه الشعري. يذكر الكاتب صلاح عيسى في كتابه "شاعر تكدير الأمن العام" أن تجربة السجن عرّفت نجم على مجموعة من المثقفين، مثل الروائي عبدالحكيم قاسم والناقد سامي خشبة، اللذان كان لهما أثر كبير في تشكيل رؤيته الشعرية.
قصيدة "بحر الحنان": أولى خطوات التقدير
كانت مشاركة نجم في مسابقة عيد الأم داخل السجن بقصيدة "بحر الحنان" نقطة تحول في حياته؛ إذ فاز بجائزة قيمتها جنيه واحد، وتم نشر أعماله في مجلة السجن. شجعت إدارة السجن نجم على التقديم لجائزة "الكتاب الأول"، مما مهد له الطريق لدخول عالم الشعر الاحترافي قبل الإفراج عنه. بعد أن أبحر عميقًا في عالم الكتابة، حصل نجم على العديد من الجوائز المحلية والدولية، أبرزها جائزة الأمير كلاوس الهولندية وجائزة أفضل شاعر في استفتاء وكالة أنباء الشعر العربي، كما تم اختياره عام 2007 كسفير للفقراء من قبل الأمم المتحدة، وحصل على وسام العلوم والفنون بعد وفاته.
حكاية ليلة مترجم الحلقة 14
أعمال خالدة لا تُنسى
ترك أحمد فؤاد نجم إرثًا شعريًا غنيًا، مع مجموعة من الأعمال الخالدة مثل "جيفارا مات" و"تذكرة مسجون". كما كتب تترات لبعض المسلسلات البارزة مثل "حضرة المتهم أبي"، ووثق حياته في مذكراته الشهيرة "الفاجومي"، التي تجسد كفاحه الأدبي والاجتماعي.
يبقى أحمد فؤاد نجم رمزًا للصوت الحر الذي تجاوزت كلماته حدود الزمان والمكان، لتظل مصدر إلهام للأجيال المتعاقبة. برحيله، فقدنا شاعراً، بل أسطورة صنعت من الكلمة سلاحًا للثورة والأمل.