نموذج ذكاء اصطناعي لفهم اللغة الجينية
في خطوة مبتكرة تعكس التقدم الهائل في مجال الذكاء الاصطناعي، تمكن باحثون من تطوير نموذج ذكاء اصطناعي يتمتع بالقدرة على فهم التسلسلات وأنماط البنية التي تُشكّل ما يُعرف بـ "اللغة الجينية" للنباتات. ويعمل هذا النموذج بطريقة تشبه إلى حد كبير الطريقة التي يفهم بها ChatGPT اللغة البشرية، مما يفتح آفاقًا جديدة في علم النبات.
برنامج Plant RNA-FM: فهم لغة النباتات
أطلق العلماء على هذا البرنامج اسم Plant RNA-FM، ويُعتبر هذا الابتكار الأول من نوعه في العالم، كما أفاد مركز "John Innes Centre". حيث تعاون باحثو النبات هناك مع علماء الكمبيوتر من جامعة إكستر لتطوير هذا النموذج الثوري. وفقًا لموقع "indy100"، تم تصميم البرنامج ليكون أداة قوية في فك رموز المعلومات الجينية.
يتكون الحمض النووي الريبي (RNA) من مجموعات من النيوكليوتيدات، التي تُرتب بطريقة مشابهة لتكوين الحروف في الكلمات والعبارات. من خلال هذه الآلية، يستطيع برنامج Plant RNA-FM ترجمة هذه "الحروف" إلى معلومات مفيدة.
وفي تصريحات للدكتور هاوبينج يو، أحد المشاركين في البحث، أكد أن تسلسلات الحمض النووي قد تبدو عشوائية للعين البشرية، لكن النموذج الذكي لدينا قد تمكن من فك تشفير الأنماط المخفية داخلها.
يُقود هذا البحث البروفيسور ييليانج دينج، مع مجموعة من مركز جون إينيس برئاسة الدكتور كي لي في جامعة إكستر. وقد أشار البروفيسور دينج إلى أن جهاز Plant RNA-FM يمثل بداية جديدة، حيث يعملون جنبًا إلى جنب مع الدكتور لي لتطوير أساليب ذكاء اصطناعي متقدمة لفهم لغات الحمض النووي والحمض النووي الريبي في الطبيعة.
هذا الابتكار يحمل في طياته إمكانيات غير مسبوقة لفهم وبرمجة النباتات، مما قد يؤدي إلى تحسين المحاصيل الزراعية وإعادة تصميم الجينات باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. كما يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا متزايد الأهمية في مساعدة علماء النبات على مواجهة التحديات الكبرى، بدءًا من توفير الغذاء لسكان العالم إلى تطوير محاصيل قادرة على التكيف مع المناخ المتغير.
ما هو الحمض النووي الريبي RNA؟
الحمض النووي الريبي (RNA) هو جزيء يحمل معلومات وراثية مشابهة لتلك التي يحملها الحمض النووي (DNA). ومع ذلك، يتميز RNA بمرونته وقدرته على التفاعل مع بيئته. فهو يلعب دورًا حيويًا في ترجمة الجينات إلى بروتينات، ويعمل على تنظيم العمليات الخلوية.
حبيبتي من تكون 2 الحلقة 353
لا يقتصر دور RNA على نقل المعلومات الجينية فحسب، بل يمتد ليشمل تنظيم العمليات الحيوية داخل الخلايا. تتكون هذه الجزيئات المعقدة من أربعة "أحرف" أساسية (النيوكليوتيدات) التي ترتبط ببعضها لتشكيل تسلسلات فريدة تشبه الكلمات والعبارات في اللغة البشرية.
تعتبر هذه الأنماط بمثابة نظام حيوي يمكّن النباتات من التكيف مع الظروف المتغيرة في بيئتها.
كيف يعمل هذا النموذج؟
تم تدريب النموذج على كمية هائلة من البيانات الجينية لـ 1124 نوعًا من النباتات، مما أتاح له التعرف على الأنماط والتسلسلات المتكررة في RNA. استخدم الباحثون منهجية مشابهة لتلك المستخدمة في تطوير ChatGPT، حيث تعلم النموذج قواعد اللغة والمنطق الخاصة بتسلسلات RNA.
استطاع برنامج Plant RNA-FM فك شفرة الأنماط المخفية في تسلسلات الحمض النووي الريبي، والتي قد تبدو عشوائية للعين البشرية. وهذا يُعتبر بداية جديدة، حيث يعمل الباحثون على تطوير نماذج أكثر تطورًا قادرة على فهم لغات الحمض النووي والحمض النووي الريبي بشكل أعمق.
هذا التقدم التكنولوجي يفتح بابًا واسعًا أمام ثورة في مجالات الزراعة والبيولوجيا، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورًا حاسمًا في مواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ وانعدام الأمن الغذائي.
