هل أنا أم جيدة؟ التحديات والمشاعر
في عالمنا اليوم، حيث تتوفر المعلومات بسهولة ويسر، وتكتسب المقارنات بين الأمهات طابعًا متزايدًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تجد الأمهات أنفسهن في مواجهة تحديات نفسية كبيرة. من السهل أن تشعر الأم بالذنب عندما ترى صورًا لأمهات أخريات يبدون مثاليين، مما يؤدي بها إلى البحث المستمر عن نصائح وأفكار تعزز من شعورها بأنها أم جيدة.
تسأل الكثير من الأمهات في خبايا قلوبهن: "هل أنا أم جيدة؟"، و"هل ما أقدمه لأطفالي يكفي؟"
في هذه المقالة، سنقوم بإلقاء الضوء على المشاعر التي تعاني منها الأمهات، من منظور علمي واجتماعي، لنفهم بشكل أعمق التحديات التي تواجههن.
أسباب ومصادر شعور الأم بأنها غير جديرة
تنبع مشاعر عدم الكفاءة لدى الأمهات من رغبتهم العميقة في تقديم الأفضل لأطفالهن. هذا الدافع الطبيعي قد يتحول في بعض الأحيان إلى هوس، مما يجعل الأم تشعر بعدم الرضا عن ما تقدمه، وهو ما يستوجب التعامل معه بحذر ووعي.
كذلك، تلعب المقارنات مع الأمهات الأخريات دورًا كبيرًا في تعميق هذا الشعور. تشدد آمي توتور، طبيبة التوليد، على أن العديد من الأمهات يقارنّ أنفسهن مع أخريات، مما يجعلهن يشعرن بأنهن غير كافيات. هذا الضغط الاجتماعي يفرض على الأمهات معايير صارمة للوصول إلى ما يعرف بـ "الأم المثالية".
لماذا نرغب بالمثالية؟
إن الرغبة في التطور والتحسين أمر طبيعي، سواء في العمل، العلاقات، أو الأمومة. لكن السعي وراء المثالية يمكن أن يصبح مرضيًا. يُعزى هذا الشعور غالبًا إلى نقص الثقة بالنفس والرغبة في التوافق مع توقعات المجتمع.
المثالية الموجهة اجتماعيًا
تشير الأبحاث إلى أن المثالية غالبًا ما تكون نتيجة توقعات مبالغ فيها من المجتمع. هذا النوع من المثالية، المعروف باسم "المثالية الموصوفة اجتماعيًا"، يؤثر سلبًا على شعور الأفراد بالقبول والرضا عن أنفسهم.
انعدام الثقة بالنفس
يرتبط السعي نحو المثالية أيضًا بانعدام الثقة بالنفس. عندما لا يتمكن الأفراد من تحقيق المعايير العالية التي يضعونها لأنفسهم، يشعرون بالشك والإحباط، مما يؤدي إلى دوامة من النقد الذاتي.
التأثيرات الثقافية والاجتماعية
تُظهر الدراسات أن المجتمعات المعاصرة تضع قيمة كبيرة على الإنجازات الشخصية والمظهر الخارجي، مما يزيد الضغط على الأفراد لتحقيق "الكمال" في جميع جوانب حياتهم.
تساعد هذه العوامل في تفسير لماذا تشعر العديد من الأمهات برغبة مستمرة في إرضاء المجتمع والسعي نحو المثالية، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على شعورهن تجاه أنفسهن كأمهات.
النصائح التربوية التي لا تنتهي
تشعر الأمهات بالإحباط عندما يستمعن لنصائح تربوية لا تنتهي، مما يؤدي إلى شعورهن بالذنب لعدم قدرتهن على تطبيق كل ما يُقال. في بعض الأحيان، قد يتحول هذا الإحباط إلى تأنيب ضمير بسبب عدم التعامل المثالي مع أطفالهن.
إذن ما الحل؟
عندما تركز الأمهات على البحث عن الإجابة المثالية، يتجاهلن أحيانًا أصوات أطفالهن الذين يعبرون عن حبهم لهن ببساطة. "ياماما، أنا أحبك" هو كل ما تحتاجه الأم لتدرك أنها تقوم بعمل رائع.
يجب أن تتعلم الأمهات أن يثقن في حدسهن وأصوات أطفالهن، وأن يتجنبن المقارنات السلبية. التركيز على اللحظات الجميلة مع أطفالهن هو المفتاح لتقدير جهودهن الحقيقية.
وتبقى ليلة الحلقة 58
تذكروا أن الأمهات لا يحتجن دائمًا إلى التصفيق، فحب الأطفال وتقديرهم لمجهودات أمهاتهم يكفي ليشعرن بأنهن أمهات جيدات.