-

متلازمة عطيل: فهم الغيرة في العلاقات

متلازمة عطيل: فهم الغيرة في العلاقات
(اخر تعديل 2025-06-13 11:11:41 )
بواسطة

هل سبق لكِ أن سمعتِ عن "متلازمة عطيل"؟ تُعتبر هذه الحالة النفسية تشير إلى الشخصية الشهيرة لعطيل في مسرحية شكسبير، القائد الذي قادته غيرته العمياء إلى ارتكاب جريمة مأساوية بحق زوجته. تمثل هذه الحالة تنبيهاً خطيراً عن كيفية تأثير الغيرة على العلاقات الإنسانية.

تُعتبر الغيرة شعوراً إنسانياً طبيعياً، تماماً مثل الحب والخوف، ولكن عندما تتجاوز هذه المشاعر الحدود المعقولة، فإنها تتحول إلى تهديد حقيقي للعلاقات، وتؤدي إلى نتائج كارثية. الخط الفاصل بين الغيرة الصحية والمَرَضية دقيق جداً، ومن المهم أن نكون واعين لهذا الأمر قبل أن تتأثر أقرب الروابط.

الغيرة في العلاقات العاطفية

الغيرة في العلاقات

في العلاقات العاطفية العميقة، من الطبيعي أن تشعري برغبة في حماية من تحبين. الغيرة المعتدلة تعكس هذا الارتباط. حتى الأطفال الرضع، في سن الستة أشهر، يظهرون مشاعر الغيرة عندما تتجه أمهاتهم نحو دمية بدلاً منهم!

وليس البشر وحدهم من يشعرون بالغيرة، بل حتى الكلاب تُظهر سلوكاً دفاعياً عندما تشعر بأن ارتباطها بأصحابها مهدد.

ومع ذلك، رغم أن الغيرة تشير إلى التعلق، فإنها تحمل سمعة سيئة وغالباً ما تُعتبر شعوراً "سلبي" أو "سام". لكن العديد من المعالجين النفسيين يرون أنها أداة تشخيصية مهمة لفهم العلاقات الزوجية.

كيف تكتشفين عمق العلاقة من خلال الغيرة؟

في إحدى الجلسات العلاجية، كان يُطلب من أحد الشريكين تخيل رؤية شريكه وهو يمسك يد شخص آخر في مطعم. كانت الإجابة كاشفة: إذا قال الشخص "فليذهب"، فغالباً ما ستنهار العلاقة، كما أظهرت النتائج اللاحقة.

أما إذا شعر بوخزة غيرة وغضب داخلي، فهذا يدل على أن هناك بقايا من الارتباط، وأن هناك فرصة لإصلاح ما انكسر.

يشير المعالجون إلى أن قبول الغيرة كجزء من المشاعر الإنسانية، دون لوم أو تجريم، هو الخطوة الأولى نحو فهم الذات والشريك. فكل حوار صادق حول الغيرة يقودنا إلى أسئلة أعمق: هل يمكننا الوثوق بالآخرين؟ ولماذا نغامر بمنح هذه الثقة؟

وعندما تُكسر الثقة، وتبدأين في مقارنة نفسك بالآخرين، يجب أن تتذكري: الثقة بالآخرين مهمة، لكن الأهم هو أن تثقي بنفسك. أن تكوني قوية بما يكفي لتجاوز الشك والتعامل مع الخسارة إن وقعت.

متى تصبح الغيرة مَرَضية؟

ليست كل أشكال الغيرة بريئة. في بعض الأحيان، تتطور إلى مشاعر مفرطة تتجاوز الانزعاج المؤقت، لتصبح شبيهة بالهوس. هكذا، يصنفها الخبراء تحت بند "الغيرة المَرَضية"، والتي تتكون من ثلاثة مظاهر رئيسة:

  • الاعتقاد بأن العلاقة مع الشريك هي الشيء الأهم والأوحد في الحياة.
  • تفسير سلوك الشريك اليومي أو العفوي على أنه دليل خيانة أو تهديد.
  • الإحساس بأن فقدان هذا الشخص سيكون نهاية العالم.

من الناحية العلمية، يقع مركز هذا النوع من الغيرة في الدماغ، وبالتحديد في القشرة الجبهية الجانبية الوسطى (VPC)، وهي المسؤولة عن تقييم ذواتنا ومشاعرنا وتوقعاتنا من الآخرين. هنا نحاول تحليل سلوك الشريك وتخيّل خسارته.

لكن القلب أيضاً له دور في هذه المعادلة، ضعي يدك على صدرك حيث القلب. إذا كان مكسوراً أو مؤلماً، لكنه لا يزال ينبض، فهذا يعني أن هناك فرصة لإعادة التقييم، والشفاء، والمصارحة، وربما للمسامحة.

وفي الختام، تذكري مقولة بوب مارلي: "الحقيقة أن الجميع سيؤذيك بطريقة أو بأخرى، المهم أن تجدي من يستحق أن تتألّمي لأجله."

كما قال الأديب واشنطن إيرفنج ببساطة: "لا وجود للغيرة دون محبة حقيقية."
ليلى الحلقة 36

لذا، الغيرة ليست دائماً عدواً، فهي أحياناً مرآة تعكس قوة العلاقة أو هشاشتها. المفتاح هو أن تعرفي متى تكون الغيرة من القلب، ومتى تكون نداء استغاثة من العقل.