-

التوحد: فهم أعمق ودعم متواصل

التوحد: فهم أعمق ودعم متواصل
(اخر تعديل 2024-10-16 07:29:06 )
بواسطة

تعتبر لحظة اكتشاف تشخيص طفلك بالتوحد من اللحظات التي تحمل في طياتها الكثير من المشاعر المعقدة. فالأم التي تشعر في قرارة نفسها أن طفلها يختلف عن باقي الأطفال، قد تجد نفسها في دوامة من الحيرة والقلق. تتزاحم الأفكار في ذهنها، وتظهر أسئلة عديدة حول ما يعنيه هذا التشخيص، وكيف يمكن توفير الرعاية والدعم الخاص الذي يحتاجه طفلها.

رغم مشاعر الحب العميق التي تحملها الآباء لأبنائهم، إلا أن مشاعر الحزن والغضب والخوف قد تتسلل إلى قلوبهم. تتزايد التساؤلات حول كيفية تلبية الاحتياجات الخاصة للطفل والتأكد من توفير البيئة الملائمة له.

تشخيص الإصابة بالتوحد

من المهم أن يدرك الآباء أن التوحد ليس حالة نادرة؛ حيث تشير الإحصائيات إلى أن واحدًا من كل 54 طفلًا يتم تشخيصه بهذا الاضطراب. لقد ساهمت التدخلات المبكرة والعلاج في تحسين حياة العديد من الأطفال المصابين بالتوحد، مما أتاح لهم فرصة الحصول على حياة مليئة بالمعنى والإنجازات.

توجد منظمات داعمة ومجموعات مساعدة، بالإضافة إلى محترفين في مجال الصحة النفسية، مستعدون لتقديم الدعم لك ولطفلك في هذه المرحلة الحرجة.

أنواع اضطراب طيف التوحد

في السابق، كان يتم تصنيف التوحد إلى أربعة أنواع فرعية، ولكن حاليًا يُقسم إلى ثلاثة مستويات حسب شدة الأعراض:

المستوى الأول (التوحد الخفيف)

يستطيع الطفل هنا استخدام عبارات كاملة، لكنه يواجه صعوبات في تبادل الحديث وفهم الإشارات ولغة الجسد.
أسرار البيوت 2 الحلقة 186

المستوى الثاني (التوحد المتوسط)

في هذا المستوى، يتواصل الطفل بعبارات بسيطة ويظهر سلوكيات متكررة، مما يتطلب رعاية ودعمًا كبيرين.

المستوى الثالث (التوحد الشديد)

يحتاج الطفل في هذا المستوى إلى رعاية شاملة، إذ يعاني من صعوبات كبيرة في التواصل، ولا يستطيع التحدث بوضوح، وتكون الأعراض السلوكية أكثر حدة.

أسباب التوحد

حتى الآن، لم يتم تحديد أسباب التوحد بدقة، لكن يُعتقد أنه يرتبط بمشكلات في أجزاء من الدماغ المسؤولة عن معالجة المدخلات الحسية. هناك عدة عوامل قد ترفع من خطر الإصابة، ومنها:

الجنس

تظهر الدراسات أن الذكور يصابون بالتوحد بمعدل يفوق الإناث بأربع مرات.

التاريخ العائلي

وجود أفراد من العائلة مصابين بالتوحد قد يزيد من احتمالية إصابة الأطفال.

عمر الأبوين

كلما تقدم عمر الأب أو الأم عند إنجاب الطفل، زادت مخاطر الإصابة بالتوحد.

العوامل الصحية أثناء الحمل

استخدام بعض الأدوية، أو التعرض لمواد كيميائية، أو إصابة الأم ببعض الأمراض مثل السكري والسمنة أو العدوى الفيروسية، قد تكون عوامل خطر.

وزن الطفل عند الولادة

الأطفال الذين يولدون بوزن منخفض قد يكونون أكثر عرضة للإصابة.

الطفرات الجينية

بعض الطفرات الوراثية قد تسهم في زيادة خطر الإصابة.

متلازمة كروموسوم إكس الهش

تُعتبر هذه الحالة إحدى الحالات المرتبطة بالتوحد.

التعرض للسموم البيئية

التعرض لمستويات مرتفعة من المعادن الثقيلة والسموم البيئية يمكن أن يلعب دورًا في زيادة خطر الإصابة.

الخطوات الأولى بعد التشخيص

عند تلقي التشخيص، يُعتبر التوجه إلى الأطباء المتخصصين واستكشاف خيارات العلاج أمرًا بالغ الأهمية. يشمل ذلك العلاج السلوكي، وعلاج النطق، والعلاج المهني.

يُنصح أيضًا بالبحث عن مجموعات دعم محلية، حيث يمكن للآباء التفاعل مع من يمرون بتجارب مشابهة، ومشاركة المشاعر والموارد. تسجيل المواعيد الطبية وتوثيق مراحل تطور الطفل يمكن أن يساعد الوالدين في رسم صورة أوضح عن احتياجات طفلهم.

من المهم أن يخصص الآباء وقتًا للاعتناء بأنفسهم؛ لأن الراحة النفسية ستعزز من قدرتهم على مواجهة التحديات.

التعامل مع الضغوط النفسية

تربية طفل مصاب بالتوحد قد تكون مصدرًا للتوتر الشديد. قد يعاني الآباء من مشاعر الحزن والغضب والقلق، ويرجع ذلك إلى تصرفات الطفل مثل نوبات الغضب أو صعوبات التواصل. لذا، من المهم أن يتواصل الآباء مع عائلاتهم وأصدقائهم للحصول على الدعم، والبحث عن مجموعات الدعم التي توفر فهمًا ومعلومات قيمة.

تعليم المهارات الاجتماعية

يتوق كل والد لرؤية طفله يتفاعل بشكل إيجابي مع الآخرين. يمكن للآباء مساعدة أطفالهم على اكتساب الثقة من خلال توضيح السلوكيات الاجتماعية، ودعمهم في فهم الإيماءات والتعابير الوجهية. تنظيم مواعيد للعب مع أطفال آخرين يمكن أن يتيح للطفل ممارسة المهارات الاجتماعية في بيئة آمنة.

التحدث عن التوحد

من المهم أن يتحدث الآباء مع أطفالهم عن التوحد بطريقة منفتحة وإيجابية. يمكن أن تساعد هذه المناقشات الطفل في فهم حالته بشكل أفضل؛ ما يعزز ثقته بنفسه. ينبغي للآباء أن يسلطوا الضوء على نقاط القوة لدى الطفل، مثل موهبته في الرسم أو الرياضيات؛ ما يساعده في تقبل نفسه.

مواجهة مشاعر الذنب

يعاني العديد من الآباء من مشاعر الذنب، خاصةً بسبب الاعتقادات القديمة التي تربط التوحد بأساليب التربية. يجب على الآباء أن يتذكروا أن التوحد ليس نتاجًا لأسلوب التربية، بل هو حالة تتعلق بالجينات والعوامل البيئية. والتعرف على المشاعر هو الخطوة الأولى نحو تخطيها.

التأثير على العلاقات الأسرية

قد يؤثر وجود طفل مصاب بالتوحد على العلاقات الزوجية، حيث يمكن أن تزيد الضغوط النفسية من التوتر بين الشريكين. ومع ذلك، يمكن للأزواج الذين يتمتعون بعلاقة قوية تجاوز هذه التحديات. دعم بعضهم البعض وفتح قنوات التواصل هما عاملان أساسيان لتخفيف الضغوط.

دور الإخوة

يمكن أن يتأثر إخوة الأطفال المصابين بالتوحد بشكل كبير. قد يشعرون بالإهمال أو القلق، ولكن يمكن أن يتعلموا أيضًا التعاطف والتعاون من خلال هذه التجربة. من الضروري توفير الدعم والإيضاحات لهم، حتى يتجاوزوا مشاعر الخوف أو الغضب.

التكاليف المالية

تشير الدراسات إلى أن تكاليف تربية طفل مصاب بالتوحد قد تصل إلى 60,000 دولار سنويًا؛ مما يمثل تحديًا ماليًا كبيرًا للعديد من العائلات. التأمين الصحي غالبًا ما يغطي بعض الخدمات، ولكن ليس دائمًا بما يكفي لتغطية جميع الاحتياجات.

تربية طفل مصاب بالتوحد ليست سهلة، لكنها أيضًا ليست رحلة وحيدة. الدعم المتبادل من الأهل والأصدقاء والمجتمع يمكن أن يخفف من الضغوط ويعزز من جودة الحياة لكل أفراد الأسرة. من المهم أن يتذكر الآباء أن كل طفل فريد، وأن التحديات التي يواجهونها يمكن أن تكون مصدرًا للقوة والنمو.