شغف أطفال التوحد بعالم الفضاء

قد يبدو للوهلة الأولى أن العديد من الأطفال الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد لديهم شغف فريد بعالم الفضاء، حيث يثير فضولهم الكواكب، والنجوم، والثقوب السوداء، وأسماء المركبات الفضائية. هذا الانطباع قد يجعل البعض يعتقد أن هناك ارتباطاً مباشراً بين التوحد والاهتمام بعالم الفضاء.
ومع ذلك، فإن الصورة أعمق وأكثر تنوعاً؛ فليس كل أطفال التوحد مهووسين بالفضاء، بل إن ما يميزهم هو الانجذاب العميق لموضوع معين، والذي قد يكون الفضاء في بعض الأحيان، بينما يمكن أن تكون موضوعات أخرى مثل الديناصورات، والقطارات، أو حتى التفاصيل الصغيرة في حياتهم اليومية.
الاهتمامات الخاصة.. السمة المشتركة لأطفال التوحد

من السمات الملحوظة لدى العديد من أطفال طيف التوحد هو امتلاكهم اهتمامات ضيقة ولكن مكثفة. فهم لا يكتفون بالمعرفة السطحية، بل يغوصون في التفاصيل الدقيقة، يحفظون المعلومات بدقة، ويعيدون الحديث عن الموضوع نفسه مراراً بشغف وإثارة.
شراب التوت الحلقة 103
لماذا الفضاء بالذات؟
الفضاء هو موضوع مثالي يجذب خيال أي طفل، لكن لدى بعض أطفال التوحد يزداد هذا الشغف لعدة أسباب، منها:
- وضوح القوانين: الفضاء يخضع لقوانين فيزيائية دقيقة، مما يتماشى مع ميلهم نحو النظام والترتيب.
- اللانهاية والأسرار: عالم واسع وغامض يتيح مجالاً كبيراً للخيال والاستكشاف.
- الصور والمجسمات: الأجرام السماوية والرسوم الكونية تثير فضولهم وتمنحهم مادة بصرية جاذبة.
الاهتمام ليس واحداً عند الجميع
من المهم أن نلاحظ أن الفضاء ليس الاهتمام الوحيد أو الأساسي لكل أطفال التوحد. فبعضهم قد ينجذب للأرقام والحسابات، وآخرون يجدون شغفهم في الموسيقى، أو الحاسوب، أو حتى الحشرات! لذا، من الخطأ تعميم فكرة "الهوس بالفضاء" على جميع أطفال التوحد.
قيمة هذه الاهتمامات
الجميل في هذه الاهتمامات أنها قد تتحول إلى بوابة للتعلم والتواصل. يمكن للآباء والمعلمين استغلال شغف الطفل لفتح آفاق جديدة؛ حيث يمكن تعليم الرياضيات من خلال دراسة الكواكب، أو اللغة من خلال قراءة قصص عن الفضاء، أو حتى تعزيز المهارات الاجتماعية من خلال مشاركة هذا الشغف مع الآخرين.
ليس كل أطفال التوحد مهووسين بالفضاء، لكن ما يجمعهم هو هذا الشغف العميق بمواضيع معينة، والذي بإمكانه أن يصبح قوة مميزة إذا عرفنا كيف نوجهه ونستثمره. الفضاء قد يكون واحداً من هذه الاهتمامات الساحرة، لكنه ليس القاعدة العامة، بل هو مجرد مثال على قدرة هؤلاء الأطفال على الغوص في عوالم معرفية بعمق وفضول لا ينضب.