-

توازن نشاطات الأطفال في عالم مشغول

توازن نشاطات الأطفال في عالم مشغول
(اخر تعديل 2025-01-12 07:11:27 )
بواسطة

في عصرٍ يتميز بالإيقاع السريع والتنافس المستمر، أصبحت جداول الأطفال مليئة بالنشاطات المبرمجة بشكل مفرط. فبين دروس الموسيقى، ورياضة الكشافة، والتمارين الرياضية، يتنقل الأطفال كأنهم مدراء تنفيذيون يتعاملون مع جداول أعمال مزدحمة. ولكن في خضم هذه الفوضى، يجب على الأهل أن يتساءلوا: هل تساهم هذه الأنشطة المحمومة في بناء أطفال سعداء وواثقين، أم أنها تثقل كاهلهم وتؤدي إلى الإرهاق والملل؟

النشاطات المفرطة والضغط النفسي

النشاطات المفرطة والضغط النفسي

وفقاً لدراسة أعدها خبراء في تربية الأطفال، فإن زيادة الأنشطة المنظمة في حياة الطفل قد تؤدي إلى نتائج عكسية. حيث يؤكد الدكتور ألفين روزنفيلد، المتخصص في الطب النفسي للأطفال، أن الأطفال الذين ينغمسون في الأنشطة بشكل مفرط يشعرون بالملل والإرهاق عند بلوغهم سن المراهقة.

وبحلول عمر 13 عاماً، يختار 75% من هؤلاء الأطفال التخلي عن الأنشطة التي بدأوها في سن مبكرة. السبب؟ ببساطة، لم تعد هذه الأنشطة ممتعة لهم؛ بل أصبحت عبئاً ثقيلاً.

أثر الأنشطة المبرمجة على التطور النفسي

يؤكد الدكتور ديفيد إلكيند، أستاذ تطوير الطفل، أن الإكثار من النشاطات المنظمة يحرم الأطفال من فرصة استغلال خيالهم، ويقلل من اعتمادهم على أنفسهم في قضاء وقتهم. فبينما يلعب الأطفال بحرية أو يقضون وقتاً بمفردهم، يتعلمون كيفية التفاعل مع ذواتهم ومعالجة مشاعرهم دون تدخل خارجي مستمر.

حدود النشاطات المنظمة

يوصي الخبراء بأن تكون الأنشطة للأطفال في مرحلة الابتدائية محدودة، بحيث لا تتجاوز ثلاثة أنشطة أسبوعياً، تشمل الرياضة، والفنون، والنشاطات الاجتماعية مثل الكشافة. ومن الضروري أن تكون مدة هذه الأنشطة معقولة، دون أن تستهلك كامل وقت الطفل، لأن الأطفال في هذا العمر بحاجة إلى وقت للعب الحر والاسترخاء مع العائلة.

أهمية بناء العلاقات الأسرية

يشدد الخبراء على أن العلاقة القوية مع الوالدين أو أي شخص بالغ داعم تُعد العامل الأهم في بناء شخصية الطفل الناجحة. وفقاً لدراسة تابعت خريجي جامعة هارفارد حتى الخمسينيات من أعمارهم، كان العامل المشترك في نجاحهم هو وجود علاقة داعمة في طفولتهم، سواء مع الوالدين أو مع شخص آخر قبلهم، دون التركيز على إنجازاتهم أو مهاراتهم.

بناء العلاقات الأسرية

كيف يمكن قضاء الوقت بشكل أفضل؟

بدلاً من التسرع في قيادة الأطفال من نشاطٍ لآخر، يمكن للأهل استغلال هذا الوقت لقضاء لحظات عائلية ذات قيمة. تناول وجبة العشاء معاً، أو لعب ألعاب بسيطة في الحديقة، قد يكون له أثر أكثر إيجابية من حشو الجداول بالأنشطة. الهدف ليس دائماً تعليم الأطفال مهارات جديدة، بل منحهم شعوراً بالقبول والمحبة.
المحتال مترجم الحلقة 9

وفي الختام، العالم مليء بالفرص والأنشطة، لكن لا يمكن للطفل استغلالها جميعاً دفعة واحدة. دعوا أطفالكم يستمتعوا بطفولتهم ويتعلموا من التجارب البسيطة. فالنمو النفسي والتوازن العاطفي هما المفتاح الحقيقي لتكوين شخصيات قوية وسعيدة.