قصة برنت تشابمان: جراحة استثنائية لاستعادة البصر

في عالم الطب، توجد لحظات تعتبر بمثابة نقاط تحول تاريخية تؤثر بشكل كبير على مسار العلم والإنسانية. واحدة من هذه اللحظات المدهشة هي قصة برنت تشابمان، الشاب الذي فقد بصره في سن مبكرة نتيجة لمضاعفات نادرة ناجمة عن تناول دواء شائع مثل الإيبوبروفين. إن قصة برنت ليست مجرد حكاية عن الفقد، بل هي قصة عن الأمل والإصرار والتجديد.
بعد عقدين من الزمن مليء باليأس وخوض تجارب مؤلمة مع عشرات العمليات الجراحية التي باءت بالفشل في استعادة بصره، جاء الحل من إجراء جراحي فريد وغير متوقع، وهو ما يُعرف بعملية زراعة سن في العين، أو "زراعة القرنية العظمية السنية".
بداية قصة برنت تشابمان وفقدان البصر

بدأت مأساة برنت في سن الثالثة عشرة عندما تناول الإيبوبروفين أثناء مباراة كرة سلة بمناسبة عيد الميلاد. لم يكن يتوقع أنه سيتعرض لرد فعل تحسسي نادر أدى إلى إصابته بحروق شديدة في جلده وعينيه، مما أدخله في غيبوبة استمرت 27 يومًا.
نتيجة لهذه الأحداث المأساوية، فقد برنت عينه اليسرى بسبب عدوى خطيرة، بينما عانى من ضعف كبير في عينه اليمنى التي خضعت لما يقارب 50 عملية جراحية، معظمها كانت تهدف إلى زرع قرنية لم تنجح. ومع مرور السنوات، بدأ أمل برنت في استعادة بصره يتلاشى حتى ظهر الحل المفاجئ الذي لم يكن في الحسبان.
ما هي عملية السن في العين؟
تُعرف هذه العملية طبيًّا باسم "زراعة القرنية العظمية السنية" (Osteo-Odonto-Keratoprosthesis)، وهي تتطلب خطوات دقيقة ومعقدة تشمل:
- استخراج سن ناب المريض مع طبقة رقيقة من العظم للحفاظ على حيويته.
- حفر السن وتركيب عدسة بلاستيكية شفافة بداخلها، مما يجعلها كأنها عدسة بصرية داخل هيكل صلب.
- زرع السن في الخد أو الجفن لفترة من الزمن حتى تندمج مع الأنسجة الحية.
- نقلها لاحقًا إلى العين التالفة، حيث تعمل كبديل عن القرنية المعطوبة.
ووفقًا للدكتور جريج مولوني، الذي أجرى العملية لتشابمان، فإن السن تعد الهيكل الأمثل لأنها قوية ويتقبلها الجسم بسهولة كونها جزءًا أصليًا منه.
متى يلجأ الأطباء إلى زرع سن في العين؟
يتم اللجوء إلى هذه الجراحة عندما تفشل جميع الخيارات الأخرى، مثل زرع القرنية التقليدية، وخصوصًا في حالات الأمراض النادرة مثل متلازمة ستيفنز جونسون، التي كانت السبب في معاناة تشابمان. هذه المتلازمة تؤثر على الجلد والأغشية المخاطية، بما في ذلك العين، مما يؤدي إلى فقدان الخلايا الجذعية الطرفية اللازمة لشفافية القرنية. وعندما تفتقر القرنية لهذه الخلايا، تصبح معتمة وغير قادرة على تمرير الضوء.
خطوات معقدة لكنها مؤثرة

لا تجرى هذه العملية في جلسة واحدة، بل تنفذ على مرحلتين تستغرقان أكثر من 12 ساعة جراحية. بعد الزرع، يتم تغطية الجزء السنّي من الجهاز بأنسجة مأخوذة من فم المريض، مما يمنح العين لونًا طبيعيًّا.
عندما يستقر الجهاز، تسمح العدسة بمرور الضوء إلى الشبكية، بشرط أن يكون العصب البصري والشبكية في حالة جيدة.
تجربة برنت تشابمان مع جراحة السن في العين
في عامه الرابع والثلاثين، استعاد برنت بصره، وكانت أول صورة رآها بعد جراحة السن في العين هي أفق مدينة فانكوفر من مكتب الطبيب. وقد وصف تجربته بأنها كانت كخروج من "سجن الظلام" إلى عالم مليء بالتفاصيل.
بعد العملية، حقق برنت رؤية 20/30، مما يعني أنه بإمكانه رؤية تفاصيل على بعد 20 قدمًا، بينما الشخص الطبيعي يرى نفس التفاصيل على بعد 30 قدمًا.
مدى انتشار عملية السن في العين حول العالم
تعتبر هذه الجراحة نادرة للغاية، ولا يجريها سوى عدد محدود من الأطباء المتخصصين عالميًّا، ويرجع ذلك إلى تعقيدها الكبير. نجاحها يعتمد على عوامل دقيقة، أهمها:
- بقاء الشبكية والعصب البصري بحالة جيدة.
- تقبل جسم المريض للهيكل المزروع.
- عدم وجود التهابات متكررة قد تهدد نتائج العملية.
شراب التوت الحلقة 103