تحرش الأطفال: التوعية والحماية

ألقى مسلسل "لام شمسية" الضوء على قضية حيوية وخطيرة تتعلق بالتحرش الجنسي بالأطفال، حيث تناولت الأحداث على مدار 15 حلقة مسألة تؤرق العديد من الأسر. يهدف المسلسل إلى تحفيز الآباء والأمهات على الوعي بمخاطر هذه الظاهرة، التي غالبًا ما تكون محاطة بالصمت والخجل.
للأسف، لا يزال الكثير من الأمهات يتعاملن مع هذا الموضوع كنوع من العار، مما يؤدي إلى تجاهل مسؤولياتهن في حماية أطفالهن وتعليمهم كيفية التعرف على المواقف الخطرة قبل أن تحدث.
في هذا السياق، تواصل موقع "" مع الأخصائية النفسية والاجتماعية لانا قصقص، حيث استعرضت مجموعة من الأعراض التي قد تظهر على الأطفال الذين تعرضوا للتحرش، ووسائل تعزيز قدرتهم على مواجهة هذه المواقف، بالإضافة إلى كيفية تعزيز قنوات التواصل الآمنة بين الأطفال وأسرهم.
لانا قصقص: الأعراض التي قد تشير لتعرض الطفل للتحرش
أوضحت لانا قصقص أن الأطفال الذين يواجهون حالات تحرش قد لا يتمكنون من التعبير عن تجاربهم بكلمات، لكن سلوكياتهم قد تعكس ما حدث. من بين تلك السلوكيات، قد يظهر على الطفل تفضيل العزلة أو الخوف من أشخاص أو أماكن معينة.
كما يمكن أن يعاني الطفل من اضطرابات نوم، مثل الكوابيس المتكررة، أو التبول اللاإرادي، بالإضافة إلى الشكوى من آلام جسدية غير مفسرة، وقد يُلاحظ كدمات في مناطق حساسة نتيجة الاعتداء.
طرق تعبير الطفل عن تعرضه للتحرش
أشارت لانا قصقص إلى أن الأطفال الذين تعرضوا للتحرش قد يظهرون سلوكيات غير ملائمة لعمرهم، وقد يتصرفون بشكل يعكس سلوكيات جنسية غير مناسبة.
ورغم أن هذه الأعراض ليست دليلًا قاطعًا على تعرض الطفل للتحرش، إلا أنها تشير إلى الحاجة لليقظة والانتباه، ولتوفير الدعم والرعاية اللازمة، بدلاً من تخويف الطفل وخلق بيئة من عدم الأمان.
الأضرار النفسية الناتجة عن التحرش

ذكرت الأخصائية النفسية أن تعرض الأطفال للتحرش يمكن أن يؤدي إلى صدمة نفسية تؤثر سلبًا على ثقتهم بأنفسهم وعلى شعورهم بالأمان. ولذلك، يجب أن تكون ردة فعل الأهل داعمة، وعدم التشكيك في أقوال الطفل أو تحميله المسؤولية.
أوصت قصقص الآباء بضرورة إبلاغ الأطفال بأنهم غير مذنبين في ما حدث، ومنحهم مساحة للتعبير عن مشاعرهم بحرية ودون خوف، واستخدام كلمات تعزز من شعورهم بالقوة والطمأنينة.
كما يجب تعليم الأطفال أهمية حدود أجسادهم، وأنها ملك لهم، وضرورة الرفض إذا شعروا بعدم الارتياح، وطلب المساعدة عند الحاجة.
أكدت قصقص على أهمية خلق بيئة تواصل مفتوحة داخل الأسرة، تجعل الطفل يشعر بالراحة في الحديث عن مشاعره ومخاوفه، مما يعزز من حمايته وقدرته على مواجهة أي خطر.
ليال أبو سعد: أهمية مراقبة استخدام الأطفال للإنترنت
شاركت المستشارة التربوية والمعالجة السلوكية ليال أبو سعد مجموعة من النصائح لحماية الأطفال من خطر التحرش، والتي تشمل:
1. التوعية المناسبة لعمر الطفل
- تعليم الطفل أسماء أجزاء جسمه بشكل علمي ومناسب لعمره، بما في ذلك "المناطق الخاصة".
- شرح الفرق بين اللمسة الآمنة وغير الآمنة بطريقة مبسطة باستخدام قصص أو رسومات توضيحية.
2. تعليم الاستئذان والخصوصية
- توضيح للطفل حقه في رفض أي لمسة، حتى من الأقرباء.
- تشجيع الطفل على قول "لا" بصوت عالٍ إذا شعر بالخطر أو الإزعاج.
3. تعزيز الثقة بالنفس
- مساعدة الطفل على التعبير عن مشاعره دون خوف.
- الإصغاء لاحتياجاته واحترام مشاعره.
4. وضع حدود
- تعليم الطفل عدم مشاركة الصور أو المعلومات الشخصية مع الآخرين، سواء في الحياة الواقعية أو عبر الإنترنت.
- تحديد قواعد صارمة حول الأشخاص المسموح لهم بالاقتراب منه أو الاعتناء به.
5. بناء علاقة وطيدة مع الطفل
- جعل الطفل يشعر بالراحة في التحدث معك عن أي شيء دون خوف أو تردد.
- سؤاله بشكل دوري عن يومه وما يمر به بطريقة ودية وغير ضاغطة.
6. المراقبة والاحتياط
- التأكد من أن من يعتني بطفلك أشخاص موثوقون ومراقَبون.
- مراقبة استخدام الطفل للإنترنت وتعليمه كيفية التصرف إذا واجه أي محتوى أو شخص مريب.
7. الإبلاغ والتصرف عند الضرورة
- إذا اشتكى الطفل من أي تصرف مريب، يجب الاستماع له دون لوم أو تخويف.
- الإبلاغ عن أي اشتباه بالتحرش للسلطات المختصة.
8. تعليمهم قول "لا" بوضوح
يجب أن يتعلم الطفل كيفية الرفض عند تعرضه لأي تصرف غير مريح، سواء بالقول المباشر "لا"، أو بالابتعاد عن الموقف، أو اللجوء لشخص بالغ موثوق.
9. توعية الطفل بمفهوم الأسرار المسموح بها والممنوعة
يجب أن يدرك الطفل الفرق بين الأسرار الجيدة، مثل مفاجأة عيد ميلاد، والأسرار السيئة، مثل الطلب منه إخفاء تصرف غير لائق. ينبغي أن يعرف أن أي شيء يجعله غير مرتاح يجب أن يُخبر به والديه فورًا.
كيف نتصرف إذا تعرض الطفل للتحرش؟
في حال كشف الطفل عن تعرضه للتحرش، من الضروري التعامل مع الموقف بحكمة، دون تهويل أو إنكار:
ابقَ هادئًا
تجنب إظهار الذعر أو الغضب، حتى لا يخاف الطفل من الحديث.
استمع إليه دون مقاطعته
اجعل الطفل يشعر بالأمان وأنه ليس مخطئًا.
اتخذ إجراءات فورية
إذا كان الجاني معروفًا، يجب اتخاذ خطوات قانونية لحماية الطفل ومنع تكرار الحادثة.
احصل على دعم نفسي للطفل
إذا تأثر الطفل نفسيًا، يُفضل استشارة مختص في العلاج النفسي للأطفال لمساعدته على تجاوز التجربة.
إن حماية الأطفال من التحرش هي مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمجتمع. يبدأ الأمر بالتوعية وتعزيز ثقة الطفل بنفسه، وينتهي بخلق بيئة آمنة يشعر فيها الطفل بأنه محمي. من خلال زرع القوة والوعي في نفوسهم، نمنحهم الفرصة للنمو بثقة وأمان بعيدًا عن أي تهديد.
نور جهان الحلقة 21