-

أفكار إبداعية أثناء الاستحمام

أفكار إبداعية أثناء الاستحمام
(اخر تعديل 2025-01-22 13:35:37 )
بواسطة

هل شعرت يومًا بأن الأفكار المبتكرة تتدفق إليك خلال لحظات الاستحمام أو أثناء القيام بمهام يومية بسيطة؟ قد يبدو الأمر غريبًا، لكن هناك تفسير علمي وراء هذه الظاهرة. فبدلاً من التفكير في أن الإبداع يرتبط بالجهد والتركيز، تشير الأبحاث إلى أن الدماغ يعمل بشكل أفضل في حالات الاسترخاء.

العلم يفسر علاقة الاستحمام بتدفق الأفكار

توضح كالينا كريستوف، المتخصصة في علم الأعصاب الإدراكي بجامعة كولومبيا البريطانية، أن ثقافتنا غالبًا ما تربط الإبداع بالعمل الجاد. ولكن، تشير الدراسات إلى أن الأفكار الإبداعية تنشأ عادة عندما يكون الدماغ في حالة استرخاء. وقد تناولت مجلة "ناشيونال جيوغرافيك" هذا الموضوع، مشيرة إلى دور شبكة عصبية تُعرف بـ"شبكة الوضع الأصلي" (Default Mode Network).
العبقري مدبلج الحلقة 81

تتكون هذه الشبكة من مناطق معينة في الدماغ تعمل معًا عندما يكون الشخص في حالة استرخاء أو أثناء أداء مهام روتينية لا تتطلب الكثير من التركيز. وفقًا لعالم الأعصاب الإدراكي روجر بيتي من جامعة بنسلفانيا، تمثل هذه الشبكة الحالة التي يعود إليها الدماغ عندما لا يكون مشغولًا بنشاط يتطلب تركيزًا عاليًا.

خلال المهام الصعبة، تقوم أنظمة التحكم التنفيذية في الدماغ بتوجيه التفكير بشكل منطقي وتحليلي، مما يقلل من حرية تدفق الأفكار. لكن شبكة الوضع الأصلي تلعب دورًا مهمًا في المراحل الأولية لتوليد الأفكار، من خلال الاستفادة من ذكرياتنا وتجاربنا السابقة.

دراسات تتناول تأثير الاستحمام

في دراسة بعنوان "أهمية شبكة الوضع الأصلي في الإبداع: دراسة بنيوية باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي"، تم العثور على ارتباط إيجابي بين الأداء الإبداعي وحجم المادة الرمادية في هذه الشبكة. وعبر دراسة أخرى، تم الإشارة إلى أن نشاط هذه الشبكة يزداد عندما يكون الشخص في حالة استرخاء أو يؤدي مهام تتطلب جهدًا منخفضًا.

تناول زاكاري إرفينغ، عالم الإدراك في جامعة فيرجينيا، ما يُعرف بـ"تأثير الاستحمام"، موضحًا كيف يمكن للأنشطة ذات الجهد المعتدل مثل الاستحمام أو المشي أن تعزز الإبداع من خلال "شرود الذهن". وقد أشار إلى أن التركيز المكثف على حل مشكلة ما يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية، بينما يتيح شرود الذهن للدماغ التجوال بين أفكار مختلفة، مما يساهم في اكتشاف حلول مبتكرة وغير متوقعة.

المزاج الجيد يؤدي إلى الإبداع المضمون

كشف الدكتور جورج حنا، اختصاصي في أمراض الدماغ والأعصاب، أن الإبداع يتطلب وظائف عقلية سليمة، ويحتاج الدماغ إلى التغذية الجيدة. يمكن أن يحدث الإبداع حتى عندما يكون الشخص في حالة شرود أو استرخاء، دون أي تشويش خارجي.

أوضح الدكتور حنا أن هناك علاقة إيجابية بين المزاج الجيد والإبداع. عندما يشعر الشخص بالسعادة، يرتفع مستوى السيروتونين والدوبامين في الدماغ، مما يعزز القدرة على الإبداع. كما أن القشرة ما قبل الجبهية، المسؤولة عن الوظائف الفكرية العليا، تلعب دورًا مهمًا في تعزيز الإبداع.

في الختام، تُظهر الأبحاث أن اللحظات التي نخصصها للاسترخاء ليست مجرد فترات عابرة، بل هي فرص قيمة لتفعيل قدراتنا الإبداعية. لذا، من الضروري منح الدماغ مساحة من الحرية بعيدًا عن الضغوط والتوتر لتحقيق أقصى إمكاناته.