فتيات الكروشيه: رحلة في عوالم الغموض

فتيات الكروشيه: رحلة في عوالم الغموض
تأخذنا الكاتبة المصرية جيلان الشمسي في مجموعتها القصصية "فتيات الكروشيه" إلى عوالم غير تقليدية، حيث يتجسد فيها شخصيات تائهة تعيش على حافة الحياة، ضائعة في دوائر من الفقد والحنين، في سعي دائم نحو الهوية. هذه الشخصيات، التي تبدو غير نمطية، تعكس تجارب إنسانية عميقة تمس قلوب القراء.
عودة الأرواح والأسئلة الفلسفية
في بعض النصوص، تعود الأرواح من الموت أو تتقمص تجارب حياتية سابقة، لتثير تساؤلات فلسفية حول مفاهيم الزمن والتكرار والتحول. هذا النوع من السرد يدعو القارئ للتفكر في المعاني العميقة خلف الأحداث، مما يجعل القراءة تجربة فكرية بحد ذاتها.
عالم من الغرابة والواقع
لا يفاجأ القارئ عندما يجد ماري أنطوانيت تطل عليه من شرفة قصر فرنسي، أو عندما يدخل فندقاً يسرق منه الزمن ويعيده إلى الماضي. كل هذه العناصر، بما فيها الحافلة التي تختفي وسط الضباب، تجعل من اللا منطقي جزءاً من المشهد، مما يزيد من عمق التجربة الأدبية.
كتابة فسيفسائية: التفاصيل الصغيرة تصنع المعنى
تتسم بنية القصص بالتفاصيل الدقيقة التي تُصنع بعناية، حيث تمتزج الصور اليومية بمسحات سريالية، مما يمنح النصوص طابعًا فريدًا يجمع بين الغرابة والعذوبة. هذه التفاصيل الصغيرة تخلق أجواء من الوحدة والملل، وتفتح أمام القارئ أبواب تأويل متعددة، مما يجبره على إعادة التفكير في ما يقرأه.
مشهد من داخل القصة: الغياب الذي لا يُفسر
في إحدى القصص المؤثرة، تنقل الكاتبة بمهارة مشهد أم تجلس يوميًا في قسم الشرطة، تبحث عن ابنها الذي اختفى في باص مدرسي لم يُعثر له على أثر. ومع مرور الوقت، يبدأ الآخرون بالتراجع عن البحث، لكن الأم تواصل وحدها رحلة الأمل. تلتقي بسيدة تؤكد أن الباص "صعد إلى السماء وسط الضباب"، مما يضيف بعدًا آخر للقصة، حيث تتجلى حدود العقل أمام العبث والمصير الغامض.
رياح القدر الحلقة 30
عن الكاتبة
جيلان الشمسي، خريجة كلية الهندسة من جامعة الإسكندرية (2008) وحاصلة على بكالوريوس الفلسفة من جامعة لندن (2016)، هي كاتبة متعددة التجارب. صدرت لها رواية "الطائفة" بالإضافة إلى مجموعتين قصصيتين، إحداهما "كأن تنقصه الحكاية" التي حازت على جائزة ساويرس الأدبية. إن أسلوبها الأدبي الفريد يجعل من كل عمل لها تجربة فريدة من نوعها.