التعامل مع رفض الطفل التعاون في المدرسة

في مقال نشرته الكاتبة كلير ليرنر على موقع Psychology Today، تم تسليط الضوء على أحد أبرز التحديات التي تواجه الأهل في التعامل مع أطفالهم في سنوات الدراسة الأولى، وهو رفض التعاون في المدرسة. هذه الظاهرة شائعة بين الأطفال، وقد تحمل معها مشاعر القلق والحيرة للأهل، خصوصًا عندما يرفض الطفل الانخراط في الأنشطة الصفية أو يؤدي واجباته، رغم إدراك الأهل والمعلمين لقدراته العقلية والجسدية.
لكن يجب أن نفهم أن هذا الرفض لا يعني أن الطفل عنيد بطبعه أو أنه لا يرغب في التعلم، بل هو تعبير عن مشاعر داخلية معقدة مثل الخوف من الفشل، القلق من التقييم أمام الآخرين، أو التمسك بمنطقة الراحة الخاصة به. ومن المهم أن نؤكد أن محاولات الضغط أو الإقناع المباشر نادرًا ما تأتي بنتائج إيجابية، بل قد تزيد من مقاومة الطفل بدلاً من تشجيعه.
دور الأهل: التوجيه وليس السيطرة

تشير ليرنر إلى أن الأهل ليسوا في موقع يمكنهم من إجبار الطفل على القيام بما لا يريد، فالطفل هو الوحيد الذي يملك السيطرة على جسده وأفعاله. ومع ذلك، فإن دور الأهل محوري في كيفية إدارة الموقف، وذلك من خلال وضع توقعات واضحة، تحديد حدود ثابتة، وتقديم الدعم الذي يساعد الطفل على تجاوز العقبات تدريجيًا.
مبدأ "توقعات عالية مع دعم عالٍ"
المنهج الأكثر فعالية في هذا السياق يعتمد على مبدأ "توقعات عالية مع دعم عالٍ"، حيث يجب أن يدرك الطفل أن هناك قواعد لا يمكن التفاوض بشأنها، مثل الالتزام بالمشاركة في الأنشطة الصفية أو أداء الواجبات، بينما يمنح الحرية في اختيار كيفية تنفيذ هذه القواعد.
على سبيل المثال، إذا كان على الطفل حضور حصة الرياضة، يمكنه الاختيار بين المشاركة الفعلية أو القيام بدور المراقب وتسجيل ملاحظاته. وفي حالة تقديم عرض مدرسي، يمكنه اختيار التحدث أمام زملائه مباشرة أو إعداد فيديو قصير يُعرض على الصف. بهذه الطريقة، يتم احترام مشاعر الطفل وتقديم بدائل تمنحه إحساسًا بالسيطرة دون التخلي عن القواعد الأساسية.
أهمية العواقب الطبيعية
جزء أساسي من هذا النهج هو تطبيق ما يُعرف بالعواقب الطبيعية. فإذا رفض الطفل الانتقال إلى الصف المخصص له، فلن يتم نقل المواد إليه كما كان يحدث سابقًا، بل سيكون عليه تعويض العمل في وقت لاحق، سواءً في المنزل أو أثناء وقت اللعب. هذه العواقب ليست عقابًا، بل وسيلة لمساعدة الطفل على فهم أن لكل قرار تبعات، وأن الالتزام يخفف من الضغوط المستقبلية.
السعادة العائلية الحلقة 9
دعم عاطفي مستمر
كل هذه الجهود يجب أن تُبنى على أساس من الدعم والتشجيع المستمرين، دون توبيخ أو سخرية أو إشعار الطفل بأنه "فاشل". بل يجب تشجيعه على كل خطوة إيجابية صغيرة يحققها. بهذا الأسلوب، يتعلم الطفل أن مواجهة المواقف الصعبة ممكنة، وأنه قادر على التكيف والنمو.
إن رفض الطفل التعاون في المدرسة ليس نهاية الطريق، بل هو فرصة لتعلم مهارات حياتية هامة مثل الالتزام، المرونة، وتحمل المسؤولية. وكما أكدت كلير ليرنر، فإن النجاح يكمن في الجمع بين وضوح التوقعات وقوة الدعم، وهي وصفة تمنح الطفل الثقة لمواجهة تحدياته، وتمنح الأهل راحة البال في رحلتهم التربوية.