تواصل الكلاب: هل يمكن أن تتحدث؟

في زمنٍ مضى، كانت فكرة كلبٍ يتحدث مجرد خيال مستوحى من أفلام الرسوم المتحركة، لكن اليوم، تحولت هذه الفكرة إلى موضوع مثير للبحث العلمي. وفقًا لدراسات جديدة من جامعة إيتفوش لوراند في المجر، بدأ العلماء يفتحون آفاقًا جديدة لفهم كيفية تواصل الكلاب مع البشر، حيث يسعون للإجابة على سؤال قديم: هل يمكن أن تتحدث الكلاب يومًا ما بكلمات واضحة؟
الكلاب واللغة.. شراكة تمتد لآلاف السنين

تتحدث الدراسة التي أجراها مختبر BARKS في الجامعة عن العلاقة العميقة بين الإنسان والكلب، والتي تعود لآلاف السنين. فقد أصبح الكلب شريكًا مثاليًا لدراسة فنون التواصل، حيث لا يقتصر دوره على استجابة الأوامر، بل يمتد ليشمل إدراك المشاعر والنوايا من خلال نبرة الصوت ولغة الجسد.
ومع ذلك، يواجه الباحثون تحديًا كبيرًا، إذ أن النطق البشري لا يزال بعيدًا عن قدرة الكلاب، بسبب الاختلافات الجسدية بينهما، كتركيبة الحنجرة واللسان والدماغ.
ما الذي يدركه الكلب حقًا؟
تشير الدكتورة ريتا لينكاي، المشرفة على الدراسة، إلى أن السؤال الأهم ليس حول قدرة الكلب على الكلام، بل يتعلق بمدى فهمه للغة البشرية. فقد أظهرت التجارب أن بعض الكلاب قادرة على حفظ عدد كبير من الكلمات وتمييز أسماء الألعاب والأشخاص، ولكنها تعجز عن تركيب كلمات جديدة أو التعبير عن أفكارها كما يفعل البشر.
أدمغة الكلاب: نافذة على الفهم العاطفي
من خلال الفحوصات الدماغية، اكتشف العلماء أن الكلاب تُنشط مناطق في الدماغ مشابهة لتلك المسؤولة عن معالجة اللغة لدى البشر عندما تستمع إلى كلمات مألوفة. لكن ما يثير الدهشة هو استجابتها العاطفية التي تتجاوز الاستجابة اللغوية، مما يعني أن الكلاب تركز على النبرة والمعاني العاطفية أكثر من الكلمات نفسها، وهذا يفسر تفاعلها مع أصواتنا حتى دون فهم كامل لما نقوله.
لغة الكلاب الخاصة: تواصل غير لفظي
تقول الباحثة باولا بيريز فراغا إن الهدف لا يكمن في جعل الكلاب تتحدث، بل في فهم لغتها الخاصة. فكل حركة نباح أو ذيل أو نظرة تحمل معنى محدد، وتشكل جزءًا من نظام تواصل تطور عبر العواطف والتعايش الطويل مع البشر. وترى أن هذه اللغة غير اللفظية قد تكون أقرب إلى شكل بدائي من التواصل البشري في بداياته.
ويؤكد الباحث توماش فاراغو أن دراسة الكلاب يمكن أن تساعد في فهم كيفية تطور اللغة لدى الإنسان قبل آلاف السنين، مشيرًا إلى أن العلاقة الطويلة مع الكلاب جعلتهم مرآة تعكس مشاعرنا وتتفاعل معنا بذكاء فطري نادر.
في نهاية المطاف، يخلص الباحثون إلى أن الهدف ليس جعل الكلاب تتحدث، بل فهم عمق العلاقة التي تربط الإنسان بصديقه الأقدم. فنحن قد لا نسمع كلبنا يقول "أحبك"، لكن نظراته وصمته واهتزاز ذيله تخبرنا بالكثير — بلغة صافية لا تحتاج إلى كلمات.
ليلى الحلقة 41