الدراما كوسيلة لتغيير المجتمع

تواصل الدراما في كل عام إثبات أنها ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل أداة مؤثرة في تشكيل وعي المجتمع. إنها تسلط الضوء على القضايا الأكثر حساسية وتعقيدًا. وقد أظهرت مجموعة من المسلسلات الدرامية التي عرضت خلال شهر رمضان الحالي قدرتها على فرض نفسها بقوة على الساحة الفنية، حيث حصدت إعجاب الجمهور والنقاد، بل ومؤسسات رسمية. تحمل هذه الأعمال رسائل مجتمعية جريئة تعكس هموم المواطن وتطرح حلولًا واقعية.

مسلسل "حسبة عمري"

من بين الأعمال التي حازت على اهتمام واسع، مسلسل "حسبة عمري"، الذي قدم رؤية حقيقية للمشكلات التي تواجه المرأة. نال المسلسل إشادة واسعة من شخصيات بارزة مثل الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، التي وصفته بأنه يعكس "حقًا مخفيًا" للمرأة في الحياة الزوجية والمهنية. كما نالت القضايا المطروحة في العمل إعجاب النجمة منى زكي، التي أكدت على قوة الرسائل الاجتماعية التي يحملها المسلسل، مشيرةً إلى أنه يلفت الانتباه إلى قضايا المرأة في جوانب الحياة المختلفة.

مسلسل "لام شمسية"

في سياق متصل، جاء مسلسل "لام شمسية" ليؤكد أن الدراما قادرة على التأثير في المجتمع بشكل أسرع من المؤتمرات والندوات التوعوية. فقد أشادت مايا مرسي بهذا العمل، واصفةً إياه بأنه "دراما بأنامل جراح"، لما حمله من معالجة دقيقة لقضية التحرش بالأطفال. لقد لفت المسلسل الأنظار إلى خطورة هذه الظاهرة وضرورة تكثيف الجهود لحماية الأطفال، وهو ما أكدت عليه أيضًا الدكتورة سحر السنباطي، رئيسة المجلس القومي للطفولة والأمومة، التي وصفت العمل بأنه "ناقوس خطر" يستدعي مزيدًا من التوعية والتدخل المجتمعي.

مسلسل "ولاد الشمس"

أما مسلسل "ولاد الشمس"، فقد تمكن من اختراق قلوب المشاهدين ورسخ مكانته كعمل إنساني للتاريخ، حيث تناول قضية أبناء دور الرعاية بجرأة وموضوعية. وقد أثنت وزيرة التضامن الاجتماعي على العمل خلال استضافة بطليه أحمد مالك وطه دسوقي، في ندوة بمقر الوزارة، مشيرة إلى أنه سلط الضوء على حقوق هؤلاء الأطفال بطريقة احترافية وإنسانية. أكدت الوزيرة أن الوزارة لم تتدخل في تفاصيل العمل احترامًا للرؤية الدرامية، مما عزز مصداقيته وقوته في نقل الواقع.
نور جهان الحلقة 32

إن نجاح هذه الأعمال وغيرها يعكس الدور الفاعل للدراما كقوة ناعمة تسهم في تشكيل الوعي العام وتحفيز النقاش حول القضايا المجتمعية المهمة. فعندما تمتزج الحرفية الفنية بالرؤية العميقة للمشكلات الاجتماعية، تنشأ دراما قادرة على إحداث تغيير حقيقي في المجتمع، ربما أسرع وأكثر تأثيرًا من أي وسيلة أخرى.