تعزيز القيمة الذاتية: كيف تبني ثقتك بنفسك

يشعر الكثيرون في بعض الأحيان بعدم الاستحقاق، مهما بذلوا من جهد أو اجتهدوا في تحقيق أهدافهم. إذا كنت قد عانيت من هذا الإحساس، فلا تقلق، فأنت لست وحدك في هذه المعاناة. إن الشعور بقلة القيمة أو الانعدام الذاتي هو شعور شائع بين الكثير من الناس، ولكنه أيضًا قابل للتغيير والتحسين.
ما هي القيمة الذاتية؟
تُعرَّف القيمة الذاتية، حسب الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA)، بأنها تقييم الشخص لذاته كإنسان ذو قيمة، وقادر على تحقيق إنجازات، ويستحق التقدير والاحترام. إنها تعكس إحساسًا داخليًا باستحقاق الحب والعناية.
المشردون الحلقة 20
غالبًا ما نربط مفاهيم مثل "الاحترام" و"الحب" و"الاهتمام" بعلاقاتنا مع الآخرين، سواء كانوا أصدقاء، أفراد عائلة أو زملاء عمل. لكن مفهوم "القيمة الذاتية" يتعلق بكيفية حبنا لأنفسنا واحترامنا لها، وكيفية تقديرنا لذواتنا.
أهمية القيمة الذاتية

تعتبر القيمة الذاتية عنصرًا أساسيًا في بناء الثقة بالنفس واحترام الذات. الأشخاص الذين يحملون شعورًا إيجابيًا تجاه أنفسهم يتمتعون بنظرة أكثر توازنًا للحياة، ويكونون أقل عرضة للحكم القاسي على أنفسهم أو للتركيز على نقاط ضعفهم.
وفقًا للدكتورة سابرينا رومانوف، الأستاذة وعالمة النفس الإكلينيكي بجامعة يشيفا، تؤثر القيمة الذاتية في جميع جوانب حياتنا: من علاقاتنا إلى أدائنا في العمل، إلى كيفية رؤيتنا لأنفسنا، وحتى نظرة الآخرين لنا.
عوامل تؤثر على القيمة الذاتية
تشير الدكتورة رومانوف إلى عدة عوامل تؤثر في تشكيل إحساسنا بقيمتنا الذاتية، ومنها:
- المعتقدات والقيم الشخصية
- الأفكار والمشاعر
- الصحة النفسية والعاطفية
- التجارب الحياتية والتفاعلات مع الآخرين
- العلاقات السابقة والحالية
- الحالة الصحية واللياقة البدنية
- المهنة والهوايات
- الوضع المالي والاجتماعي
- المظهر الجسدي
- تجارب الطفولة
تقييم شعورك بقيمتك الذاتية
لمساعدتك في تقييم مدى تقديرك لذاتك، تقترح الدكتورة رومانوف طرح هذه الأسئلة على نفسك:
- إلى أي مدى تحب نفسك وتحترمها وتقدرها؟
- ما الكلمات التي ستستخدمها لوصف نفسك لشخص غريب؟
- عندما تفكر في نفسك، هل تكون أفكارك إيجابية أم سلبية أم متباينة؟
- هل تعتقد أنك تستحق حب الآخرين واحترامهم واهتمامهم؟
الأشخاص الذين يتمتعون بقيمة ذاتية إيجابية يشعرون بالثقة في قدرتهم على مواجهة التحديات. يدركون أن لديهم مجالات يمكن تحسينها، لكنهم لا يسمحون لنقاط ضعفهم بتعريف هويتهم. كما أنهم يكونون أكثر استعدادًا لخوض التجارب، ويثقون بقدرتهم على الإنجاز.
مخاطر انخفاض القيمة الذاتية

يرتبط انخفاض القيمة الذاتية بنظرة سلبية للذات وانعدام الثقة في القدرات، مما يؤدي إلى:
- الخوف المستمر من الفشل
- صعوبة تقبل المجاملات
- التركيز المفرط على العيوب
- التقليل من شأن الذات أمام الآخرين
- تجاهل الحاجات الشخصية
- ضعف القدرة على الدفاع عن النفس
تشير الدراسات إلى أن انخفاض القيمة الذاتية مرتبط بارتفاع معدلات القلق والاكتئاب، مما يؤدي إلى أعراض مثل المزاج المنخفض، القلق، الإرهاق، تغيّرات الوزن، اضطرابات النوم، وضعف التركيز.
استراتيجيات لتعزيز القيمة الذاتية
إليك بعض النصائح التي قدمتها الدكتورة رومانوف:
مارس الأنشطة التي تحبها وتبرع فيها
ممارسة ما تحبه وتتفوق فيه يمنحك شعورًا بالكفاءة، ويذكّرك بمواهبك وقوتك، مما يعزز ثقتك بنفسك.
مارس الرياضة وتحدَّ نفسك
تظهر الأبحاث أن النشاط البدني يعزز الشعور بالقيمة الذاتية. وكلما تجاوزت التحديات البدنية، ازدادت قناعتك بقدراتك.
واجه الأفكار السلبية
تذكّر أن الأفكار ليست حقائق. كثير منها مجرد تحريفات ناتجة عن نقد داخلي أو ضغوط. عندما تنتابك فكرة سلبية، استبدلها بفكرة واقعية وإيجابية.
اطلب الدعم
إذا شعرت أن تدني القيمة الذاتية يؤثر على حياتك العاطفية أو المهنية، فكر في اللجوء إلى معالج نفسي. فقد يساعدك على رؤية الأمور من زاوية مختلفة وتوسيع أفقك.
ابنِ شعورًا صحيًا بالقيمة الذاتية لدى أطفالك
الكثير من مشكلات البالغين تنبع من تجارب الطفولة. لذا، كن واعيًا في طريقة دعمك لأطفالك، وامدح جهدهم وتصميمهم بدلًا من التركيز فقط على مظهرهم أو نتائجهم.
الشعور بالقيمة الذاتية ليس مجرد رفاهية نفسية، بل هو حجر الأساس الذي تُبنى عليه الثقة بالنفس والصحة النفسية السليمة. فالقيمة الذاتية تمنحنا البوصلة التي توجهنا نحو حياة أكثر توازنًا ورضا.