-

توازن العطاء: كيف تحافظ على نفسك

توازن العطاء: كيف تحافظ على نفسك
(اخر تعديل 2025-03-29 09:19:41 )
بواسطة

تُعتبر صفة الكرم من أروع الصفات الإنسانية التي تميز الأفراد، فهي تعزز الروابط بين الناس وتبني جسورًا من المحبة والتواصل. عندما نُقدم وقتنا، جهدنا، أو حتى عاطفتنا للآخرين، فإن ذلك يعكس طيبة قلوبنا ونبل أرواحنا. ومع ذلك، يجب أن نتساءل: ماذا يحدث عندما يتحول هذا العطاء إلى سيل جارف لا يتوقف؟ ماذا لو كان العطاء بلا حدود، مما يؤدي إلى استنزاف قواك النفسية والجسدية؟

إن التحول إلى حالة من العطاء المفرط قد يجعلك تشعر بالإرهاق، ويورطك في دوامة من التضحيات غير المتوازنة. قد تكتشف أنك تضع احتياجات الآخرين قبل احتياجاتك الخاصة، مما يجعلك تشعر بالضغط والإجهاد.

في بعض الأحيان، قد يتملكك شعور بضرورة العطاء المستمر، كأن تكون ملزمًا بتلبية احتياجات الآخرين قبل أن تفكر في نفسك. لكن من المهم أن ندرك أن العطاء المفرط دون توازن يمكن أن يكون عبئًا نفسيًا، وقد يؤدي بك إلى الإحباط عندما لا تجد التقدير الذي كنت تتوقعه.

لماذا نفرط في العطاء؟

صورة تعبر عن الكرم

يُعتبر الكرم صفة فطرية في الكثير من الناس، إلا أن الإفراط في العطاء قد يكون ناتجًا عن عدة عوامل نفسية واجتماعية، منها:

الرغبة في نيل القبول والحب

بعض الأشخاص يربطون قيمتهم الذاتية بما يقدمونه للآخرين، حيث يظنون أن الحب والاحترام يأتيان من خلال التضحية المستمرة.

الخوف من الرفض أو الشعور بالذنب

قد يخشى البعض من أن قول "لا" قد يجعله أنانيًا، مما يدفعهم للاستمرار في العطاء حتى على حساب راحتهم.

البرمجة المجتمعية والتربية

في بعض الثقافات، يُعتبر الشخص المعطاء الأكثر نبلاً، بينما يُنتقد من يضع حدودًا لعطائه.

الرغبة في التحكم

أحيانًا يتحول الإفراط في العطاء إلى وسيلة غير واعية للسيطرة على الآخرين، كأن يشعر الشخص بأنه لا غنى عنه، مما يحافظ على مكانته في علاقاتهم.

متى يتحول العطاء إلى استنزاف؟

لا يصبح العطاء مشكلة إلا عندما يبدأ في التأثير على توازنك النفسي والجسدي. إليك بعض العلامات التي تشير إلى أن كرمك قد تجاوز الحدود الصحية:

تشعر بالإرهاق العاطفي باستمرار

إذا كنت دائمًا تشعر بالإرهاق من تلبية احتياجات الآخرين، فهذا مؤشر قوي على أنك تقدم أكثر مما تستطيع تحمله.

تشعر بأنك مُستغل

عندما يتحول العطاء إلى التزام دائم دون تبادل تقدير، قد يكون هذا دليلًا على استغلال لطفك.

تجد صعوبة في قول "لا"

إذا كنت لا تستطيع رفض طلبات الآخرين حتى عندما تكون مرهقًا، فهذا يشير إلى وجود مشكلة في وضع الحدود.

تهمل احتياجاتك الشخصية

إذا كانت طاقتك ووقتك تذهب بالكامل للآخرين على حساب صحتك وأهدافك، فهذا يعني أنك بحاجة لإعادة تقييم الأمور.

تشعر بالإحباط أو الغضب

إذا كنت تشعر بالغضب أو الاستياء بعد مساعدة شخص ما، فهذا يدل على أنك تقدم أكثر مما تستطيع.

كيف تضع حدودًا لعطائك دون الشعور بالذنب؟

صورة تعبر عن حدود العطاء

إذا كنت ممن يفرطون في العطاء، فإن تعلم كيفية تحقيق التوازن هو مفتاح الحفاظ على صحتك النفسية والعاطفية. إليك بعض النصائح لفعل ذلك:

تعلم قول "لا" بحزم ولطف

يمكنك أن ترفض بشكل دبلوماسي دون الشعور بالذنب، مثل: "أتمنى أن أساعدك، لكنني مشغول في الوقت الحالي."
وتقابل حبيب الحلقة 29

اسأل نفسك قبل أن تعطي

قبل أن توافق على مساعدة شخص ما، اسأل نفسك: "هل لدي الطاقة الكافية لذلك؟ هل أرغب حقًا في فعل هذا؟"

لا تعطِ أكثر مما يمكنك تحمله

العطاء لا يجب أن يكون على حساب نفسك. إذا كنت تشعر بالإرهاق، فمن حقك أن تتوقف وتعتني بنفسك.

تحديد الأولويات

حدد الأشخاص والمواقف التي تستحق طاقتك، ولا تفرط في توزيع جهودك على الجميع دون تمييز.

راقب مشاعرك

إذا كان العطاء يجعلك تشعر بالإحباط بدلًا من السعادة، فهذا إشارة واضحة إلى أنك بحاجة إلى إعادة التوازن.

تذكر أن العطاء المتوازن أكثر فائدة

تقديم المساعدة من مكان متوازن وعاطفي صحي يجعل العطاء أكثر تأثيرًا، مقارنة بالعطاء الذي يأتي من شعور بالإجبار أو الاستنزاف.

الكرم ليس مشكلة بحد ذاته، ولكن العطاء بلا حدود يمكن أن يكون مرهقًا ومدمرًا لصحتك النفسية. عندما تتعلم وضع الحدود، سيظل عطاؤك موجودًا، لكنه سيكون أكثر وعيًا، ولن يأتي على حساب راحتك. أنت تستحق أن تهتم بنفسك كما تهتم بالآخرين، لأن التوازن في العطاء هو مفتاح الراحة والسعادة.