كيفية الانفصال العاطفي الصحي عن الأقارب

في زوايا عالم التواصل الاجتماعي، تتردد قصص مؤلمة تتعلق بجراحٍ أحدثتها أيدٍ من المفترض أن تكون الأقرب إلينا. من الأقارب إلى الإخوة، ومن الآباء إلى الأبناء، يظهر لنا هؤلاء الأفراد أحيانًا كملاذ، لكن ما يحدث غالبًا هو أنهم يصبحون مصدرًا دائمًا للخذلان. نشعر وكأننا نسير على جسر من الأمل المهتز، ينتهي بلا شك بسقوط جديد.
كيف يمكننا التعامل مع أفراد العائلة الذين يستنزفون طاقتنا العاطفية، دون أن نشعر بالذنب أو الندم؟
رياح القدر الحلقة 8
تطرح الكاتبة والمتخصصة في الصحة النفسية، ديان سولومون، في مقالها على موقع Psychology Today تساؤلاً جوهريًا: هل يمكن الانفصال العاطفي عن أفراد العائلة بشكل صحي؟ والجواب هنا ليس فقط "نعم"، بل إنه قد يكون "ضروريًا" في بعض الأحيان.
غالبًا ما تبدأ القصة بمحاولتنا لإثبات حبنا لهذا الشخص، رغم كل ما يمر بنا من مشاعر مؤلمة. فنقوم بتنظيم احتفال رائع، أو نقدم هدية قيمة، أو نبدي حرصنا الشديد على مشاعرهم. لكن في معظم الأوقات، لا تأتي النتائج كما نتمنى. بدلاً من الامتنان، قد نتلقى انتقادات لاذعة أو تجاهلاً متعمدًا.
هذا السيناريو المألوف يعكس ديناميكية مزمنة من طرف واحد. فالمشكلة، كما توضح سولومون، لا تكمن في قلة العطاء، بل في التوقعات العالية من شخص غير قادر على التبادل العاطفي. وهنا تأتي الخطوة الأولى نحو الانفصال الصحي: التوقف عن تعريض النفس لمزيد من الألم.
3 خطوات للانفصال العاطفي دون شعور بالذنب
إليك أبرز الخطوات للانفصال العاطفي عن الأقارب المؤذين وفق الأخصائية ديان:
أوقف الرهان العاطفي
عبارات مثل: "ربما إذا فعلت كذا، سيحبني أخيرًا" تُعتبر فخًا خطيرًا. الشخص الذي لم يُظهر يومًا تقديرًا لما تقدمه، لن يستيقظ فجأة على وعي جديد. إن التوقعات المرتفعة تؤدي إلى خيبات أكبر. لذا، يُعد خفض سقف التوقعات وقاية للنفس من تكرار الألم، وليس تشاؤمًا.
ابحث عن التقدير في مكان آخر
لا يجب أن يأتي الاعتراف بقيمتك حصريًا من ذلك الفرد الصعب. ابحث عن الأصدقاء، والزملاء، وأفراد العائلة الداعمين. العلاقات الصحية تمنحك شعورًا بالأمان والتقدير دون مقابل باهظ.
لا تخجل من مشاعرك الغاضبة
في مجتمعاتنا، يُنظر إلى الغضب من الأقارب وكأنه خيانة. لكن الغضب، إذا أُحسن فهمه، قد يكون بوابة للشفاء. لا بأس أن تشعر بالاستياء أو حتى بالرغبة في الابتعاد. يمكنك أيضًا أن تغفر، لكن لأجل راحتك النفسية، وليس لإرضاء من لا يُقدّر جهودك.
بين الاتصال والقطع
بعد تنفيذ هذه الخطوات، قد تقرر أن تبقي العلاقة في حدود رسالة معايدة سنوية، أو لقاء رسمي في المناسبات العائلية. وقد تجد أن القطيعة التامة هي الخيار الأنسب لك. لكنك أيضًا قد تدرك أنك أصبحت أكثر توازنًا، وقادرًا على التواصل مع هذا الشخص دون أن تنتظر شيئًا، بل لأنك ترغب فقط في حضور مناسبة معينة أو لقاء أحبائك الآخرين.
المهم هنا هو أن تكون علاقتك مع ذاتك سليمة. أن تدرك أنك تستحق الحب غير المشروط والقبول دون اختبار مستمر. لا يعني الانفصال العاطفي القسوة، بل هو الحفاظ على كرامتك وصحتك النفسية.
كثيرون يمرّون بما تمر به، لذا لست وحدك في هذا الطريق المربك. ابحث عن العلاقات التي تمنحك الطمأنينة، وتحرر من تلك التي تجعلك تشك في ذاتك. لأن السلام الداخلي لا يأتي من "من نُجبر على حبهم"، بل من "من نختار أن نحبهم بطمأنينة".