كيفية تعليم الأطفال تقدير الأب

في زحمة الحياة اليومية، نجد أنفسنا كأمهات غارقات في تفاصيل التربية والواجبات، مما قد يجعلنا نغفل عن لحظة غالية تتكرر كل عام: لحظة الاحتفاء بالأب. إنه الركن الصامت في الكثير من الأحيان، لكنه موجود دائمًا، بحضوره المطمئن، وجهده المتواصل، وتضحياته التي لا تُحكى بكلمات.
عيد الأب ليس مجرد مناسبة عابرة على الروزنامة، بل هو فرصة حقيقية لغرس قيمة عظيمة في نفوس أبنائنا: قيمة الامتنان.
فالاعتراف بالجميل لا يأتي دائمًا بشكل تلقائي لدى الأطفال؛ بل يحتاج إلى تربية تبدأ من المنزل، ومن نظرتهم إلى والدهم، ومن الصورة التي تُرسم له في أعينهم من خلال المواقف والكلمات والذكريات الصغيرة.
فكيف يمكننا أن نعلم أبناءنا أن يعبروا عن "شكرًا" بطريقة تتجاوز الكلمات؟ وكيف نحول يوم عيد الأب إلى درس عملي في المحبة والتقدير؟ الإجابة تبدأ من الأم، فهي الجسر الأول الذي يربط الطفل بفهم المشاعر وتعلم التعبير عنها.
كيف تعلمين طفلك تقدير الأب؟

في هذا المقال، سنأخذك في خطوات بسيطة وعميقة في الوقت ذاته، لتكوني أنتِ من يزرع في طفلك بذور الوفاء، ويمنحه الأدوات ليعبر عن امتنانه لوالده:
1. ابدئي من الإدراك: التقدير لا يأتي بالفطرة
قد يعتقد البعض أن الطفل سيعبر تلقائيًا عن امتنانه لأبيه، لكن الحقيقة أن الامتنان يحتاج إلى تربية وتعزيز مستمر. يحتاج الطفل إلى رؤية والدته تعبر عن تقديرها، وأن يسمع كلمات صادقة تصف ما يفعله والده بطريقة واقعية.
مثال عملي: قولي أمام طفلك: "والدك عاد متعبًا من العمل لأنه يعمل من أجل راحتنا." أو "لنرسم شيئًا يسعد والدك."
2. شاركيه القصص.. ليستوعب المعنى
أطفالنا يتأثرون بالقصص أكثر من أي شيء آخر. اختاري لحظات واقعية عن مواقف قدّم فيها الأب تضحية، أو قصة صغيرة من طفولة الطفل تدخّل فيها الأب لحمايته أو إسعاده. اربطي تلك القصص بمشاعر الامتنان بطريقة غير مباشرة.
3. علّميه كيف يعبّر ببساطة
لا يحتاج الامتنان إلى هدية فاخرة. أحيانًا، كلمة "شكرًا" بصوت صغير من طفل قد تكون أجمل هدية. ساعدي طفلك على التعبير برسالة صوتية، أو بطاقة مكتوبة، أو حتى صورة يرسمها بنفسه تعبّر عن حبه. اجعلي الفكرة نابعة منه، وسانديه فقط في التوجيه.
4. خصّصي وقتًا عائليًّا ليوم الأب
اجعلي من عيد الأب مناسبة عائلية صغيرة. فطور مفاجئ، جلسة في الحديقة، فيلم مفضل يشاهدونه معًا، أو لحظة هدوء يُخبر فيها كل فرد من الأسرة الأب بجملة امتنان واحدة. هذا الجو لا يغرس فقط التقدير، بل يصنع ذكرى عاطفية تبقى في الذاكرة.
5. امتدحيه أمام أطفاله.. بتوازن
حين يسمع الطفل أمه تمتدح أباه بصدق، يتعلم احترام دوره. لكن من المهم أن تكون العبارات حقيقية وغير مصطنعة أو مفرطة. الهدف هو أن يرى الطفل في والده نموذجًا جديرًا بالتقدير، دون أن يشعر بالمقارنة أو المثالية الزائدة.
6. امتنعي عن تقليل دوره أمام الطفل
مهما كانت العلاقة بين الوالدين، من الضروري ألا يسمع الطفل عبارات تقلل من قيمة الأب، خصوصًا في وقت تحاولين فيه غرس الامتنان نحوه. فالطفل لا يفصل بين العاطفة والموقف، وإذا شعر بتناقض، فقد يفقد المعنى الحقيقي للتقدير.
صلاح الدين الأيوبي الحلقة 31
7. علّميه أن الامتنان لا يقتصر على يوم واحد
عيد الأب مجرد فرصة لتعليم قيمة، لكن التقدير الحقيقي يُغرس على مدار السنة. ذكّري طفلك أن يقول "شكرًا يا بابا" عندما يساعده، أو أن يرسم له شيئًا صغيرًا حين يعود من سفر، أو يشاركه كوب شاي في المساء كتعبير عن الحب.
ليس الهدف أن نعلّم أطفالنا تقديم هدية في عيد الأب فقط، بل أن نغرس فيهم شعورًا أصيلًا بأن في حياتهم رجلًا يستحق الامتنان. فحين ينشأ الطفل على الاعتراف بالجميل، سيكبر وفي قلبه تقدير لا يذبل، حتى لو لم يُعبّر عنه بالكلام دائمًا.