-

الطبيعة البشرية والسلوك الإنساني لجون ديوي

الطبيعة البشرية والسلوك الإنساني لجون ديوي
(اخر تعديل 2025-04-06 23:11:31 )
بواسطة

أصدرت دار أقلام عربية في القاهرة مؤخرًا كتابًا يحمل عنوان "الطبيعة البشرية والسلوك الإنساني" من تأليف المفكر الأمريكي الشهير جون ديوي، الذي يُعتبر أحد أبرز الشخصيات في مجال الفلسفة البراغماتية. يُعَد هذا الكتاب من الأعمال المهمة التي تسلط الضوء على الفلسفة وعلاقتها بالتجارب العملية.
رياح القدر الحلقة 6

نبذة عن حياة جون ديوي

وُلِد جون ديوي في عام 1859 في ولاية فيرمونت، واستمرت حياته حتى عام 1952. لقد كان له دور محوري في تطوير الفلسفة والنظريات التربوية وعلم النفس، حيث قدم إسهامات قيمة تركزت على العلاقة الوثيقة بين الفلسفة والتجربة العملية.

ترجم هذا الكتاب الدكتور محمد لبيب النجيحي، الذي أشار في مقدمته إلى أن ديوي بدأ مسيرته الفكرية في سن مبكرة، بعدما التحق بجامعة فيرمونت في سن الخامسة عشرة، مما يعكس نبوغه المبكر. وعقب تخرجه في عام 1879، نشر أول أبحاثه في الفلسفة وحظي بتقدير كبير، مما شجعه على مواصلة العمل في هذا المجال.

حصل ديوي على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة جونز هوبكنز في عام 1884، وهو في الخامسة والعشرين من عمره، ليبدأ بعدها مسيرته الأكاديمية التي شملت العمل في جامعة ميشيغان وجامعة شيكاغو، حيث قاد ثورة في التربية التقدمية.

الثورة التربوية والمساهمات الاجتماعية

في جامعة شيكاغو، قام ديوي بإحداث ثورة تربوية من خلال إنشاء مدرسة تجريبية لتطبيق نظرياته الجديدة في التعليم، حيث أظهرت هذه التجارب فعالية كبيرة رغم اعتراض الإدارة الجامعية عليها. لكن ديوي لم يستسلم، واستمر في مسيرته الأكاديمية حتى انتقل إلى جامعة كولومبيا في عام 1904، حيث واصل عمله حتى تقاعده في عام 1930.

كما كان له دور بارز في اتحاد المعلمين بنيويورك، وشارك في تأسيس اتحاد الحريات المدنية للأمريكيين وجمعية أساتذة الجامعات الأمريكيين، مما يبرز إسهاماته الاجتماعية المهمة.

العلاقة بين النفس والفلسفة

يُعَد كتاب "الطبيعة البشرية والسلوك الإنساني" نقطة تحول في فهم العلاقة بين علم النفس والتربية من جهة، والفلسفة من جهة أخرى. يرى ديوي أن تفسير السلوك الإنساني بشكل صحيح يتطلب فهم طبيعتنا الإنسانية وعلاقتها بالعوامل الاجتماعية المحيطة بنا.

يناقش الكتاب العديد من التناقضات بين النظريات التقليدية التي تفسر السلوك البشري، مقدمًا رؤية جديدة تتسم بالعلمية والواقعية.

دور البيئة في تشكيل السلوك البشري

يرتكز فكر ديوي على فكرة التكيف الواقعي بين الفرد وبيئته المحيطة، مشيرًا إلى أن العادات السلوكية لا يمكن أن تتشكل بمعزل عن بيئة الإنسان. يُبرز الكتاب تأثير البيئة في تكوين الشخصية البشرية، ويعترض على النظريات الأخلاقية التي تفصل بين الذات والبيئة. يؤكد ديوي أن الفضائل والرذائل ليست خصائص ذاتية للفرد، بل هي نتاج تفاعله مع القوى البيئية المحيطة.

تساؤلات فلسفية حول الأخلاق والشر

في سياق مناقشة الأخلاق، يطرح ديوي تساؤلات محورية مثل: هل يمكن عزل الذات عن بيئتها الاجتماعية؟ وهل يمكن مقاومة الشر عن طريق تجاهله؟ يجيب ديوي بالنفي، معتبرًا أن الحياد الأخلاقي غير موجود، وأن مقاومة الشر عبر تجاهله هي في الواقع طريقة غير مباشرة لنشره.

يقدم الكتاب رؤية جديدة ومُعمقة حول العلاقة بين الفلسفة والنفس البشرية، ويُعَد إضافة مهمة للمكتبة الفكرية التي تتناول تطور الإنسان وسلوكه في سياق البيئة المحيطة.