جمال سليمان: رحلة فنية ملهمة في عالم الفن
في عالم الفن الذي يتميز بكثرة المواهب، يضيء اسم الفنان السوري جمال سليمان كرمز للإبداع والتفرد في الساحة العربية. فقد حمل جمال شغفه بالفن من أزقة دمشق القديمة ليشع نوره في مسارح وشاشات الوطن العربي.
بفضل موهبته الاستثنائية ورؤيته الثاقبة، تمكن من دمج أصالة التراث مع حداثة الأداء، مما جعله يترك بصمة قوية في مجالات السينما والمسرح والدراما. رحلته لم تكن مجرد مسيرة فنية عادية، بل هي قصة ملهمة عن المثابرة والطموح والالتزام الذي لا يعرف حدودًا.
وفي ذكرى ميلاده التي تتزامن مع الـ20 من نوفمبر، نستعرض في هذا التقرير أبرز محطات ومسارات مسيرة الفنان السوري جمال سليمان الفنية.
البداية المبكرة: العمل والمسرح
وُلد الفنان السوري جمال سليمان عام 1959 في حي باب سريجة بدمشق، في أسرة تتكون من تسعة أشقاء. نشأ في بيئة تؤكد على أهمية العمل في تشكيل الرجولة، فبدأ حياته العملية مبكرًا وهو لا يزال في سن السابعة، حيث خاض تجارب في مهن متعددة مثل الحدادة والنجارة والديكور، وحتى غسل السيارات.
على الرغم من تلك الأعباء، اكتشف شغفه بالمسرح في سن الرابعة عشرة، وانضم إلى فرقة "شباب القنيطرة"، مما شكل بداية انطلاقته الفنية.
المسار الأكاديمي من دمشق إلى بريطانيا
التحق جمال سليمان بالمعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، وتخرج منه عام 1981 بتقدير جيد جدًا. تفوقه الأكاديمي أهّله للحصول على منحة دراسية إلى بريطانيا، حيث حصل على درجة الماجستير في الإخراج المسرحي من جامعة ليدز عام 1988. بعد عودته إلى سوريا، عمل كأستاذ لمادة التمثيل في المعهد العالي، وبرز كممثل محترف في المسرح والسينما والتلفزيون.
بصماته في المسرح والسينما
بدأ سليمان مسيرته المسرحية الاحترافية عام 1985 من خلال مسرحية "عزيزي مارات المسكين"، حيث أبدع في أداء شخصية "مارات". وفي عالم السينما، كان من أبرز أعماله فيلم "المتبقي" وفيلم "الترحال"، وحصل على شهادات تقدير عن أدائه المميز. كما شارك في أفلام مصرية بارزة مثل "حليم" و"البيبي دول"، مما أضاف بُعدًا جديدًا لمسيرته الفنية.
أيقونة الدراما التلفزيونية
ترك جمال سليمان بصمة لا تُنسى في الدراما السورية والمصرية على حد سواء. وقد برع في تقديم المسلسلات التاريخية مثل "خان الحرير" و"صقر قريش"، وحقق نجاحًا كبيرًا في الدراما الصعيدية بمصر من خلال مسلسلات مثل "حدائق الشيطان" و"أفراح إبليس" و"سيدنا السيد". كما تألق في أعمال حديثة مثل "الطاووس" و"حرملك".
نشاطات إنسانية ودولية
بجانب مسيرته الفنية، برز سليمان كسفير للنوايا الحسنة لصندوق الأمم المتحدة للسكان عام 1996، حيث شارك في العديد من الأنشطة الإنسانية داخل سوريا وخارجها. كما حضر اجتماعات الأمم المتحدة وفعاليات خيرية مثل الحملة الخيرية لمركز الأمل لعلاج السرطان في عمان.
رؤيته للسينما المصرية والعربية
يرى جمال سليمان أن السينما المصرية تحتل مكانة متقدمة عن باقي السينمات العربية، مشيدًا بتاريخها العريق وأفلامها الكلاسيكية التي قدمها نجوم مثل نجيب الريحاني ويوسف وهبي. وأكد في تصريحات متلفزة أن مصر تمتلك سوقًا كبيرًا ومقومات بشرية ومالية تؤهلها لقيادة صناعة السينما في العالم العربي.
تكريمات وإنجازات
حصد سليمان العديد من الجوائز والتكريمات، منها تكريمه في مهرجان الشباب العربي بالمغرب ومهرجان روتردام للفيلم العربي. كما كرمه المركز العربي الثقافي الأمريكي، وشارك كعضو لجنة تحكيم في برنامج "تحدي القراءة العربي" عام 2019.
تنوع إبداعي لا يعرف الحدود
جمال سليمان ليس مجرد ممثل، بل هو مبدع متعدد المواهب، حيث أخرج عروض افتتاح وختام مهرجان دمشق السينمائي في عدة دورات، وأخرج أوبريت "عناق الينابيع" في أبوظبي. كما أنتج سلسلة أفلام وثائقية بعنوان "أعمدة النور" بمناسبة زيارة بابا الفاتيكان إلى سوريا عام 2001.
الانين الحلقة 20
مسيرة مستمرة بالعطاء
على مدار عقود من العمل الفني، أثبت جمال سليمان أنه أحد أعمدة الدراما العربية، حيث جمع بين الاحترافية والالتزام والرؤية الفنية الثاقبة. وتظل مسيرته مصدر إلهام لجيل جديد من الفنانين في العالم العربي، ودليلًا على أن الفن رسالة تتجاوز الحدود.